لحج نيوز/متابعات محلية - الانفلات الأمني أحد مظاهر الأزمة في اليمن، وتتفاوت درجته من محافظة إلى أخرى، لكنه يبلغ ذروته في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، مسجلا أرقاما قياسية في حوادث الاغتيال والسرقة، ويرجعه البعض إلى غياب الدولة خصوصا أن الفاعل دائما “مجهول”.
تتصدر مدينة الحوطة -عاصمة محافظة لحج- مدن اليمن التي تشهد انفلاتا أمنيا، تجلى في الاغتيالات وانتشار عصابات القتل والسرقة التي استهدفت مؤخرا بنوكا ومحال صرافة، مما دفع بعض الأهالي إلى النزوح عن المدينة.
ويجمع الأهالي هناك على أن غياب الدولة وضعف دور السلطة المحلية أبرز أسباب الانفلات الأمني وتزايد الاغتيالات.
وقال محمد هاشم -أحد سكان الحوطة- إن الأمن لم يتمكن من القبض على منفذي الاغتيالات، “ولو أنه قبض عليهم لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم”، وطالب السلطة المحلية بالقيام بدورها وتأمين حياة الناس، فالكثير منهم باتوا لا يستطيعون الذهاب لممارسة أعمالهم.
أما انتصار السقاف الموجهة في التربية بلحج، فقالت إن هناك “جهات مجهولة تسعى للنيل من المحافظة والانتقام منها، وزرع الخوف بين الأهالي، مما جعل الكثير منهم لا يفكر إلا بنفسه، ونتج عن ذلك ضعف الانتماء الوطني، وهناك فجوة بين المواطن وأجهزة الأمن مما جعل المواطن غير متعاون مع تلك الأجهزة، وبالمقابل لا تسعى الدولة لتوثيق علاقتها بالمواطن”.
غياب الدولة
ويرى معمر فضل -أحد أهالي الحوطة- أن الانفلات الأمني استفحل “جراء غياب الدولة، وانعدام الوعي الشعبي بأهمية وجودها، فانعدم الأمان، وصرنا نتوقع حدوث الاغتيالات في أي وقت ولأي شخص”، وناشد مسؤولي المحافظة “تحمل مسؤولياتهم بعيداً عن المصالح الشخصية”.
من جانبه، قال المحلل السياسي غالب السميعي إن ما تشهده لحج من اختلالات أمنية وازدياد الاغتيالات “نتيجة حتمية لعدم وجود الدولة وضعف ما تبقى من مؤسساتها المدنية والعسكرية، الأمر الذي ساعد على دخول جماعات متعددة تمارس القتل تحت لافتات متنوعة بعضها يستند إلى ثارات وأحقاد قديمة”.
وأوضح أن حوادث الاغتيال في الحوطة وما جاورها ارتفعت في العامين الماضيين “واستهدفت ضباطاً بالأمن والجيش ومواطنين يُقال إنهم من الشواذ، كما شملت طيارين ورجال دين. ووسائل القتل التي تتكرر في كل حادثة هي الدراجات النارية”.
وحول مرتكبي تلك الاغتيالات، قال “هناك اتهامات لحركة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة بحكم تواجدهم في المدينة وضواحيها، وتحركهم فيها بشكل علني، فيما يرى آخرون أن الجناة يتبعون مسؤولين في السلطة ممن لهم أجندات تعمل على إثارة الفوضى لصالح طرف دون آخر”.
وأشار إلى أن الوضع “يحتاج حلولا عملية بتفعيل دور السلطة المحلية والجهات الأمنية واضطلاعها بمهامها في توفير الأمن والقبض على القتلة وتقديمهم للعدالة، فكل حوادث القتل تقيَّد ضد مجهول، ولم نسمع أنه تم القبض على متهم بالقتل أو محاكمته، مما ينذر باستمرار عمليات القتل، لا سيما في ظل هشاشة الوضع الأمني والسياسي العام في البلاد”.
واتهم المحافظ تنظيم أنصار الشريعة التابع للقاعدة بالوقوف وراء الاغتيالات التي تشهدها المحافظة، وقال “إن تلك القوى الإرهابية بعد أن فشلت في إسقاط المحافظة عمدت لانتهاج أسلوب الاغتيالات والتفجيرات، إلا أننا تمكنا من متابعة تحركاتها، واستطعنا أن نخفف من حدة تلك الأعمال الإرهابية، دون أن نتمكن من القضاء عليها نهائياً، وهناك عناصر قد تستغل الانفلات الأمني وتعمل على تصفية حسابات تنسجم مع نشاط القاعدة ولكن لأهداف أخرى”.المحافظ يرد
من جانبه، قال محافظ لحج أحمد المجيدي إن الانفلات الأمني موجود منذ فترة طويلة، ويعود ذلك لعدة عوامل منها عدم تطوير الجانب الأمني في لحج ومعظم محافظات اليمن، فأصبح المواطنون واللجان الشعبية والجيش هم من يقوم بالواجبات الأمنية مؤخراً، بالتنسيق مع السلطة المحلية.
وأكد المحافظ -في حديث للجزيرة نت- أنه تم القبض على عدد من منفذي الاغتيالات، وقال إن بعضهم اعترف بالتورط في تلك الجرائم، “لكن فجأة نجد أنه تم إطلاقهم من جهازي الأمن القومي والسياسي، كونهما الجهازين الموكلين بالتحقيق في تلك الجرائم”.
وأشار المحافظ إلى أن هناك “نشاطا انتهازيا يستغل الظرف الراهن الذي تمر به البلاد، ويحاول زرع الخوف واليأس لدى الأهالي، ويصور الانفلات الأمني الحاصل بشكل أكبر مما هو عليه في الواقع”، مضيفا أنه ليس لديه تخوف من سقوط المحافظة بيد القاعدة، “لأنها ليست لديها القدرة على ذلك”.
|