بقلم/ عبدالكريم المدي -
بغض النظر عن خروج الحوثيين من عدن وسيطرة ما تُسمّى بالمقاومة عليها ، يجب على شرفاء عدن خاصة والجنوب عامّة التحرُّك لانقاذ هذه المدينة / الفردوس التي كانت تُمثّل قبلةً للتسامح والطيبة والتعاييش .
فما يحدثُ فيها اليوم من انتشار مُريع لثقافة الحقد والكراهية ضدّ الآخر ووصول الأمر لقتله وقتل أبنائه واستباحة كل شيء ينتمي للشمال لا يجب أن يستمرّ بهذه الطريقة .
لا يجب أن يتحول أبناء الشمال لطرائد محلل قتلها وذبحها بدم جنوبي بارد ، سيما والشمال مثّل عبر التاريخ وفي كل مراحل الصراع الجنوبي الجنوبي الحضن الدافىء والملجأ الوحيد لمئات الآلاف من أبناء الجنوب الذين كانوا يفرون لصنعاء وتعز وإب والبيضاء ويقاسمهم إخوانهم في الشمال غرف البيت الواحد والملابس والدواء والراتب ولا يحسسونهم أبدا بالحرج والحاجة والذُّل ..
أبناء الشمال الذين يُنكل بهم اليوم في عدن ولحج وأبين والضالع هم أنفسهم الذين كان آباؤهم يقتسمون مع النازحين الجنوبين في مدن وقرى الشمال كيس الدقيق والكدمة ،وحتّى البطانيات التي كان يتم شقّها لنصفين نصف لأطفال صاحب البيت (الشمالي ) ونصف لأطفال شقيقه النازح ( الجنوبي ) الذي بقي من يومها في الشمال وإلى اليوم.
لا تنسوا إن الشماليين الذين تُنهب بيوتهم وممتلكاتهم ويُحرم كثير من أطفالهم من حنان الأبوة أو الأمومة ، وتّجزّ رقاب بعضهم ، ويربط البعض الآخر منهم خلف السيارات والعربات ليتم سحلهم في عدن ، بدون أي جُرم أقترفوه ، كان آباؤهم وإخوانهم في الشمال هم الملاذ الآمن للجنوبيين وأرض ميعادهم والسلام .
الشماليون الذين تنتهك آدميتهم وإنسانيتهم وأعراضهم اليوم في عدن هم الذين يعيشون إخوانهم وآباؤهم وأبناؤهم في صنعاء وذمار وتعز والحديدة وإب مع إخوان وأبناء عمومة من يقومون بالبطش بهم في عدن .
إن إرهاب وتهجير من بقي حياً من المصنفين كأعداء شماليين في عدن ولحج وهم حفاة لا يمتلكون حتى قيمة شربة الماء جريمة بحق الإنسانية.
أن قتل وتهجير كل من يتم اتهامه بالإصول الشمالية ،حتى وإن كان لا يعرف عن الشمال شيئا ولا يعرف من أي محافظة ومديرية شمالية تعود إصوله جريمة يُصعب وصفها والتعبير عن انحطاط من يقوم بها..
عدن اليوم تُذبح ،تُغتصب في تاريخها وقيمها وأخلاقها وتسامح أبنائها..
هل تعلمون إن هذه المدينة الفاتنة تحوّلت اليوم لمدينة نازية بإمتياز، تحوّلت لمشانق إعدام وسحل وانتهاك لابسط حق من حقوق الإنسانية، بدون اي رقيب أو حسيب وبدن أي تفريق بين عمر ووظيفة وجنس .!
عدن التي عرفتموها - يا قوم - تنتشر فيها اليوم وبشكل مُعلن كل الأفكار المتطرّفة إني أحسّها ، أسمعها تستغيث تلعن كل من دفع بها لهذه الحالة والمكان الذي ضاعت فيه ملامحها ، كلهم أجرموا بحقها .
وإذا كان هناك بقيةٌ من إحساس وضمير حيّ لدى الإنسان العدني والقائد الميليشاوي القادم من خارحها لكي يحريرها ويجريدها من هويتها ومدنية أهلها ومن كل شيء ينتمي للإنسانية فيها ، يجب أن يتوقّف فوراً ويُحاسب من قام ويقوم بكل هذا الإجرام والبشاعة والبطش ..