لحج نيوز/ قراءة تحليلية: عادل عبدالاله العصار - ▪ مابين انقلاب فيصل على اخيه الملك سعود وسيطرته على العرش وبين انقلاب سلمان على الاسرة الدولة وسيطرته على عرش المملكة العجوز تتجسد الحكاية المتجددة بمؤامرات الاخوة الامراء والملوك وولاة العهد..
قبل خمسين عاماً انقلب الاخوة الامراء (فيصل،خالد،فهد،عبدالله،....) على أخيهم الملك سعود بن عبدالعزيز الذي سرعان ما تحول الى رجل مسلوب العقل والسلطة والتاج..
وبنفيه وحرمانه من حقه في العرش العيش داخل المملكة التي حكمها لما يقارب العشر سنوات وضع الامراء المنتصرون مبادئهم الجديدة لتقاسم العرش والسلطات وولاية العهد وتاج المملكة وتوزيع المناصب كحق بين الأبناء والموالون لهم من الصف الأول والثاني في الاسرة الحاكمة..
اليوم وبعد مرور خمسين عاماً على اول انقلاب نفذه ابناء عبدالعزيز تتجدد حكاية الاستيلاء والاستبعاد لكنها هذه المرة لم تتوقف عند حدود انتقال السلطة من الملك لاحد اخوانه وبمباركة الاسرة الحاكمة -كما حدث من قبل- بل تجاوزتها لدرجة انتزاع السلطات من ابناء واحفاد عبدالعزيز ومن ثم أعادة توزيع المناصب والمهام والاتجاه نحو التأسيس لاسرة حاكمة جديدة محصورة على سلمان الذي أعلن نفسه ملكاً قبل اجتماع هيئة البيعة ودشن عهده باصدار ستة مراسيم ملكية قبل أن يلفظ الملك عبدالله انفاسه الاخيرة وقبل الاعلان الرسمي عن الوفاة..
قد تبدو حكاية الانقلاب والاغتيال والاستبعاد غريبة بعض الشئ اذا ما اخذناها من واقع الروابط الاخوية لابناء الرجل الواحد لكننا لن نجدها كذلك اذا ماتعمقنا في قراءة تاريخ الصراع على السلطة داخل اسرة آل سعود وخاصة عندما نجد أن ما كان يبدو لنا صراعاً بين ابناء عبدالعزيز ليس اكثر من تجسيد لصراع الضرائر الابدي والذي تحول إلى إرث وتعقيدات اجتماعية توارثها الابناء وانتهى إلى صراع على النفوذ والسلطة بين ابناء زوجات عبدالعزيز آل سعود.
تدشين عصر الصراع..
▪ في الوقت الذي يعتقد البعض ان الصراع على الحكم في السعودية بدأ بعد وفاة الملك عبدالله تؤكد الوقائع التاريخية أن الصراع بين أبناء عبدالعزيز آل سعود ولد قبل أكثر من خمسين عاما وتحديدا عندما توسعت دائرة الخلافات بين الملك سعود -أول ملك من أبناء عبدالعزيز- وبين أخيه الأمير فيصل الذي كان يشغل أنذاك منصب ولي العهد..
وحسب الروايات التي روج لها أعداء الملك سعود فقد استند الانقلابيون في مساعيهم لخلعه وتنصيب ولي العهد ملكا لأسباب صحيه قالوا فيها ان الملك يعانى من أمراض متعددة منها آلام بالمفاصل وارتفاع ضغط الدم وكان ذلك يستدعيه الذهاب إلى الخارج للعلاج، الامر الذي جعله لا يقوى على القيام بأعمال الحكم لكنها لا تبدو اسبابا منطقية اذا ما قرنت بالجلطة الدماغية التي لم تعفي الملك فهد من تولي العرش لسنوات وهو شبه ميت..
وقد تطورت واتسعت الخلافات بين سعود وولي عهده الأمير فيصل والتي. ادت في مجملها إلى الدعوة لإنعقاد اجتماع موسع للعلماء والأمراء (هيئة البيعة) في 29 مارس 1964 والذي انتهى بإصدار الفتوى المشهورة للعلماء والتي نصت على أن يبقى سعود ملكًا على أن يقوم الأمير فيصل بتصريف جميع أمور المملكة الداخلية والخارجية سواء كان الملك موجودا داخل البلاد أو غائبا عنها..!!
وترجمة لرغبة الانقلابيون أصدر أبناء الملك عبدالعزيز وكبار أمراء آل سعود قرارًا موقعًا يؤيدون فيه فتوى العلماء وطالبوا فيه الأمير فيصل بكونه وليًا للعهد ورئيسًا للوزراء بالإسراع في تنفيذ الفتوى.
وفي اليوم التالي اجتمع مجلس الوزراء برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير خالد بن عبد العزيز واستنادًا الفتوى وقرار الأمراء اتخذوا قرارًا بنقل سلطات سعود الملكية إلى الأمير فيصل وبذلك أصبح الأمير فيصل بن عبدالعزيز نائبا عن الملك في حاله غيابه أو حضوره أي أن الامير فيصل أصبح الملك الفعلي بينما اصبح سعود ملكا بلا مملكة..
القرار لم ينهي الأزمة بين الملك وولي عهده بل زاد الهوة اتساعا، وأدرك الملك أنه اصبح وحيدا داخل الاسرة التي تحولت إلى مجموعة من الأعداء المتحالفين الذين قرروا توجيه الضربة القاضية للملك سعود واتفقوا على خلعه من الحكم وتنصيب الأمير فيصل ملكًا، وأرسلوا قرارهم إلى علماء الدين لأخذ وجهة نظرهم من الناحية الشرعية..
في 1نوفمبر 1964 اجتمع علماء الدين والقضاة، وأعلن مفتى المملكة محمد بن إبراهيم آل الشيخ خلع الملك سعود عن الحكم وتنصيب الأمير فيصل ملكًا..
الملك الوحيد والمريض رضخ للأمر الواقع ولكسب رضا من اصبحوا يسيطرون على السلطة والمال اعترف رسميًا بخلعه من الحكم في 3 يناير 1965 وأرسل كتابا بايع فيه الملك فيصل ملكا للمملكة، لكن كل ذلك لم يشفع له عند اخوانه وظل منفيا ولم يعد إلى البلاد إلا ليوارى فيها التراب...
ثورة الأمراء..
▪ الانقلاب على الملك سعود فتح الباب واسعا امام أطماع أبناء عبدالعزيز على مصراعيه، وبدأ كل أمير يبحث عن فرصه في الاستيلاء على السلطة والثروة، وبدأت التحالفات والانقسامات وانتقل الصراع من دائرة الاسرة الضيقة إلى دائراة اكثر إتساعا تجاوزت حدود مملكة الصمت..
في العام 1958 اتفق مجموعة من الامراء على تأسيس حركة سياسية سميت بحركة الأمراء الأحرار من قبل بعض أبناء مؤسس الدولة السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود، وهم:
الأمير طلال كرئيس للحركة والأمير مشاري والأمير بدر والأمير تركي الثاني والأمير فواز، وقد نادى الأمراء الخمسة. من خلال هذه الحركة بالعديد من المبادئ مثل إنشاء حكم دستوري وبرلماني في البلاد وفصل الأسرة الحاكمة عن الحكم والمساواة بين الرجال والنساء وإلغاء العبودية، وقد اضطر أعضاء هذه الحركة للهروب إلى لبنان. ثم إلى مصر، وقد اصدرت السلطات السعودية العديد من الاجراءات العقابية بحقهم وسحبت منهم الجنسية، وبتحويلهم إلى منبوذين انطفأت جذوة الحركة وتم اجبار الخمسة الامراء على التنازل عن لقب أمير كشرط لعودتهم من المنفى والعفو عنهم..
▪ في الحلقات القادمة..
حلف فيصل- أبناء حصة يستولون على العرش- صراع الأحفاد- دور واشنطن- وثائق ويكيليكس |