بقلم/طه العامري -
بغض النظر عن إتفاق البعض أو اختلافهم معه ، وبغض النظر عن السلبيات التي يحملها البعض من خصومه له ولعهده إلا إنه وأمام كل حدث وفي مواجهة كل منعطف يظهر الرئيس السابق الزعيم علي عبد الله صالح كرجل دولة وصاحب رؤية وطنية ويثبت إنه رجل التحديات وصاحب مكانة وإنه عصي على التهميش والتجاوز ورقم صعب يستند إلى قاعدة شعبية وحاضنة جماهيرية وقواعد حزبية فاعلة ومؤترة ..
الرئيس السابق وخلال لقائه بأعضاء اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام لمناقشة أبعاد الاتفاق المبرم مؤخرا بين المؤتمر وأنصار الله وهو الأتفاق الذي هدف إلى ملء الفراغ الدستوري الحاصل في البلاد منذ قرابة العامين وهو الفراغ الذي طالبنا كثيرا بملئه منذ عام ونيف ولم يكن هناك من يتحمس له وخاصة إخواننا في أنصار الله الذين كانوا يراهنوا على متغيرات تستجيب لقناعتهم ومنها أن يصلوا لحالة تفاهم مع ( العدو السعودي ) ويتضح هذا من خلال ( لقاءات ظهران الجنوب ) التي حاول من خلالها أنصار الله استمالة العدو السعودي وإبرام تفاهمات معه لكن تلك اللقاءات فشلت ولله الحمد كما فشلت محادثات الكويت التي وضع أمام نجاحها العدو وحلفائه شروطا قاسية ومستحيلة ..؟
فكانت العودة للداخل هو خيار إخواننا في أنصار الله وهو الخيار الذي طالبناهم به منذ يوم 21 سبتمبر 2014 م ويعرغ هذا العديد من أعضاء ما كان يطلق عليه ب ( اللجنة الثورية العليا ) وهي المكون السيادي التي تنتهي صفتها السيادية فور الإعلان عن تشكيل ( المجلس السياسي الأعلى ) لقيادة البلاد وملء الفراغ الدستوري ..
كلمة الرئيس السابق حملت أكثر من رسالة والمفترض من كل الحريصين على البلاد والعباد سوى الذين اتفقوا مع الرئيس السابق أو اختلفوا معه ، فالكل مطالب بالتوقف أمام ما ورد في كلمة الرئيس السايق والتي حملت رسائل للداخل والخارج دون استثناء ..رسائل عابرة لكنها حددة وبدقة مشكلة اليمن في حربها وأزمتها ، كما حددة كلمة الرئيس السابق جوهر الأزمة والمشكلة وسهل للأشقاء أو كما وصفها بالجارة الكبرى والشقيقة الكبرى جوهر المشكلة وتقدم بطلب صادق ومباشر وواضح وهو أن يكون هناك حوار جاد وصادق يمني _ سعودي ، مؤكدا أن اليمن لم تكن يوما مصدر قلق للأمن القومي لا السعودي ولا العربي ولا الدولي ..وقال بثقة لم نشكل خطرا عليهم وعلى أي شقيق أو صديق بعيد كان أو قريب واستعرض علاقة اليمن مع سلطنة عمان وجيبوتي وإريتريا وحتى السودان التي قال قدمنا دعما مادية ومعنويا وعسكريا من أجل الحفاظ على وحدة السودان ، ولكن القيادة السودانية فرطت بوحدتها وبجنوب السودان وجاءت لتحرر جنوب اليمن من مواطنيه ..؟
أيا كانت ردود الفعل من قبل خصوم صالح على كلمته فأنها تظل قاصرة وغير منطقية إذا ما قورنت بطرح الرجل وقوة حجته ، التي لاشك إنها اربكت الطرف الأخر الذي يتمسك بشرعية وهمية فيما الشرعية مصدرها الشعب اليمني وهو ما غمز من قناته الرئيس السابق حين أشار إلى أن هناك متغيرات على الخارطة وأن الأوضاع بعد الأتفاق تختلف عما كانت عليه قبل الأتفاق ..؟ كلام يجب أن يستوعبه العقلاء لانه أصلا موجه للعقلاء ، أما ( جوقة الردح ) فهولاء سيظلوا على ما هم عليه وستضل عقدتهم كامنة في ( عفاش والحوافيش ) وهولاء لو كانوا يحملوا عقول لكانوا نجحوا على الأقل في خطابهم وكسب تعاطف الناس الذين هم مصدر الشرعية وحماتها ومانحييها ..
فشرعية ( هادي ) غدت محل سخرية وتندر حتى لدى أتباعه والمهاجرين معه في فنادق ( الرياض ) أو في اسطنبول والقاهرة ..؟
فهاهي عدن المحررة ..؟ وها هي المعارك الميدانية رغم الغطاء الجوي الذي لم يغادر سماء اليمن لحظة منذ أكثر من عام ونصف ومع ذلك لا ( هادي ) ولا حكومته ولا أتباعه ومريديه يجدون لهم موطى قدم في البلاد لا في المحافظات التي يزعمون إنها محررة ولا في حتى في المناطق الحدودية التي يزعمون تقدم (جيشهم الوطني ) فيها ..؟
إذا وبعد عام ونيف من الخراب والدمار ماذا في جعبة ( الرياض ) من مفاجئات غير خوفها لدرجة الرعب من الغرق في المستنقع اليمني ..؟
وهو ما لاترغب به ( الرياض ) التي لم تتردد في الطلب من سلطنة عمان التوسط لوقف هذه الحرب والحفاظ على ما وجه الرياض التي وظفت كل الأدوات القذرة لتبرير حربها ، بدء من الأنتصار للشرعية ،ثم لمواجهة النفوذ الإيراني والمجوسي والرافضي ، ولم يغفل الرئيس السابق هذه المبررات في كلمته حين تحدث عن ( الشوافع والزيود ) ولم يتجاهل المذهب السعودي ( الوهابية ) وقال صراحة لسنا ضد مذهبكم فدعونا كما نحن عليه واحترموا علاقة حسن الجوار بيننا ، وتطرق لحالة بيت حميد الدين وقال صراحة اعتبروا ( هادي )وطاقمه وتعاملوا معهم كما تعاملتم مع أسرة حميد الدين ..؟
طبعا كثيرون سينطلقون بتعليقاتهم على كلمة الرئيس السابق من منطلق الخصومة والحقد والكراهية ، وهو السبب المباشر الذي أوصلنا والبلاد إلى ما نحن عليه اليوم لان البعض جعل من الخصومة السياسية شكل من أشكال ( الفجور ) الغير مسبوق في العلاقات السياسية ..
علي عبد الله صالح مع الأسف رجل يجيد فن العمل السياسي وإدارة الأزمات والتعامل معها بحكمة وموضوعية وحصافة وبإحساس وطني مسئول وهذا سلوك يميزه عن خصومه ، الذين تعاملوا معه بنزق وحماقة فكانت النتائج دائما لصالح الرجل الذي يثبت لكل الدنياء إنه رقم صعب في المعادلة الوطنية والإقليمية حقيقة يصعب نكرانها ،حتى المجلس السياسي الأعلى المعلن عنه مؤخرا والذي جاء كنتاج لاتفاق المؤتمر مع أنصار الله ،هذا المكون جاء في وقته وله خياراته وأهدافه كما له مشجعيه الإقليميين والدوليين ..؟
لان الرئيس السابق وخاصة في الأزمات لا يتخذ قراراته من باب رد الفعل ولا يتخذها جزافا او اعتباطا ولكنه يعرف جيدا كيف يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب وهذا ما يجعله محور ودائرة التحكم بالأحداث ومرجعيتها والكفيل بتحقيق الغايات المرجوة من كل حدث ..؟
ختاما أقول ..قد يكون هناك تحفظات كثيرة أخذها على الرئيس السابق لكني للأمانة أزداد اعجابا بذكاء وقدرة ودهاء هذا الرجل الذي استطاع اكتساب مهارات سياسية وحكمة وحصافة ، ولاشك أن هناك قدرة آلاهية تقف وراء هذا الرجل الذي نجاء من محاولات استهداف لا حصرا لها ، ونجا من موت محقق في جريمة جامع الرئاسة ورغم كل ما حل به وأسرته خلال السنوات الخمس الماضية وخلال العام والنصف تحديدا منذ بدء العدوان كل هذا يرجع ليس لقوة الرجل ولا تفوقه الأمني بل لقدرة الله الذي انقذه وها هو يعيده للواجهة كحكم ومرجعية فيما خصومه الذين كانوا يتلون عليه ( سورة البقرة في كل صلاة تقام في شارع الستين ) وجعلوا منه (فرعون ) وهم ( موسى واتباعه ) ها هم جميعا هاربين خارج الوطن فيما هو لم يغادر وطنه وهذا سلوك يكفي أي وطني غيور على وطنه أن يفتخر به بغض النظر عن كل ما قيل ويقال عن هذا الرجل الذي يثبت عمليا وميدانيا إنه يمني وعربي وإنسان وقائد حقيقي ورجل بحجم التحديات ..