لحج نيوز/كتب/جمال الدين الخضيري -
بائع الذباب
انتبه فوجد نفسه يبيع الذباب. نش، وهش، ورش. لم يتذبذب الذباب.
قيل له:
- بكم تبيع الذباب؟
غضب. جر العربة المحملة بالسمك ومضى.
كان يلفه الضباب. كان يلفه الذباب.
حب على شاكلة البعير
زارتني خليلتي كعادتها في غرفتي نهاية هذا الأسبوع. وما طفقنا في عزف وصلة غرامية رائقة حتى بدأ كلبي المدلل يضايقني ويهش وينبح ويلح علي إلحاحا شديدا أن اكلم فتاتي في أمره. سرعان ما عربد التجهم على وجهها وساحتها فقالت:
- ما به؟
- يريد أن تجلبي له كلبتك. له حاجياته الغريزية مثلنا، أليس كذلك..
- لكن الأمر لا يستقيم...
- لا يستقيم!! ولم؟
- لو كان الأمر يتعلق بحيوانات أخرى ربما.. أما أن نتساوى مع الكلاب، فلا..
- ومع أي الحيوانات تريدين أن نتساوى؟
- الم تسمع قول الشاعر: " وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري"
النافذ
يمشي في الحي بعنجهية. يعد باسترداد الحقوق للضائعة منهم. يعد برفع القهر عن المقهورين. يعد بإيصال الأصوات إلى ذوي النفوذ. يعد ويعد...
يدخل مقهى. يلوح بيديه في أكثر من اتجاه. تتحلق حوله بطانته. يدس يده في عبه. يخرج قارورة "طابا". يدردر المسحوق على ظهر إبهامه. يلقم أنفه. ينتشي. يتفشى مخاطه.
يعلو صوت في ركن ما:
- من لا يجلب حقا لأنفه، فكيف سيجلبه لغيره؟!
المعلم
جاء المعلم بكلكله. طلب الأب من ابنه أن يأتي برقبة الديك.
نط الديك إلى مزرعة الجيران. نط الإبن خلفه. أوشك أن يمسك ذيله. أوشك أن يمسك عرفه.
باغته الكلب وعضه. دخل على أبيه يجرجر رجله. لما كشف عن ركبته، زمجر وطرد ضيفه.
مجرد حلم
رأيت فيما يرى النائم أني تحولت عملاقا ضخم الجثة مفتول العضلات مهاب الجانب. فعزمت أن أجهز على أعدائي الذين استضعفوني وجرعوني العلاقم. قصدت مدير الشركة التي أعمل فيها فأزحت الحراس عن طريقي بدفعة حديدية من منكبي، وخرمت الباب بركلة واحدة من رجلي على شاكلة أفلام رعاة البقر. اقتحمت عليه المكتب فوجدته معتليا سكرتيرته. جذبته من قفاه وطرحته أرضا وأزبدت في وجهه:
- أزفت نهايتك، وانقضى علوك واعتلاءك
قال بوجهه الصفيق تعلوه ضحكة متحدية:
- أنت الذي أزف اندحار حلمك، وانقضى مقامك في العمل.
جرجرته إلى النافذة في حالة انتشاء وددت لو كانت خالدة، وأسكبته منها. وبقدر تدحرجه نحو دركات الهبوط والفناء كان تدحرجي من سريري المهترئ. حثثت الخطى نحو عملي بثقة طافحة، ولم يخامرني شك أني سأحذو أثار حلمي النعل بالنعل. أليست الحياة برمتها في نهاية المطاف مجرد حلم؟
العنزة والمرآة
دولاب ملابسها تتوسطه مرآة ضخمة.
وقفت تتأمل نفسها في المرآة.
قالت: جميلة أنا، وهذه مسألة لا ينتطح فيها عنزان.
لاحت لها عنزة، ولما رأت قرينتها تراجعت ودكت الأرض بظلفها وهشمت المرآة.
|