لحج نيوز/كتب:عبدالكريم المدي - مسلسل إختفاء الفتيات في العاصمة صنعاء ما يزال مستمرا،بل وفي تصاعد ربما بصورة غير مسبوقة. ولعل الأمر الباعث للحيرة والتساؤلات هنا،هو حالة البرود والإهمال الشديدين من قِبل الأجهزة والسلطات الأمنية والقضائية المعنية بحماية حياة وأعراض الناس.
تفاصيل القضية:
وصلتني تفاصيل هذه القضية التي تقول :إن شابة في العشيرينيات من عمرها أختفت في تمام الساعة العاشرة من صبيحة السبت الموافق (10سبتمبر2017)، بعدُ أن خرجت(م .ب) من بيتها الكائن في حي قاع العلفي بالعاصمة صنعاء وبصورة طبيعية ،ومن حينها لم يُعثر لها على أثر ،رغم وجود قسم شرطة في عين المكان (قسم العلفي ) وهذا الأخير حكايته حكاية، سنعرضها تاليا .
قسم الشرطة وجهوده " الجبّارة" :
كسرت الأسرة قيدا من قيود المحاذير الاجتماعية ،وقرأت عدة تعاويذ وآياي من الذّكر الحكيم ،وذهبت مكسورة،حزينة لتبليغ القسم والإستعانة به بعد عون السماء ، لكن "صناديده " بادروا بالسؤال: عن العلاقات الغرامية للضحية،واهملوا تماما مسؤلياتهم والجانب الجنائي،واكتفوا بتطمين الأهل بأنها قد تكون ذهبت مع صديق..عفوا : (Friend) .
تعاظُم الفاجعة:
تخيلوا .. أن تُخطف ابنة شخص ما،سواء كانت كبيرة أم صغيرة، عاشقة،أم واعظة،وفي مجتمع محافظ بإمتياز،ويقوم هذا الأب أو الأخ، أو الأم بالضغط على نفسه وبلع درزن مسكنات ساعدته لجرّ أقدامه واللجوء للجهات الأمنية المعنية بالبحث والتحرّي عن المفقودين ،أوالمختطفين، حتى لو كانوا من النساء وأختفوا بأيديهم وأرجلهم، وبدلا من أن تعلن هذه الأجهزة حالة الاستنفار وتشغّل كل طاقاتها للبحث والتحرّي ،يرد عليك بعضُ منتسبيها وليس جميعهم- كي لا نعمم ونظلم الشرفاء - بالتشكيك وإخراج القضية ومسؤلياتهم من سياقها إلى سياقات أخرى لا صلة لها بالموضوع ولا بالقانون ولا بعُرف المجتمع وتقاليده وثوابته، وفي هذه الجزئية لكم أن تضعوا أنفسكم مكان هذه الأسرة التي تلقّت ردّا باردا ،باهتا، قاتلا،تافها .
ظاهرة خطيرة جدا:
نحن أمام ظاهرة إجرامية السكوت عنها والاستهانة بها لا يقلّ عن جُرم إقترافها،ومن لم يعلم عليه أن يعلم أن هناك عشرات ،وربما مئات الحالات التي فقدت وتُفقد فيها فتيات وأطفال في مقتبل العمر، وللأسف الشديد لم تُبلغ أسرهن عنهن ، بسبب الخوف من لعنة العار التي ستُصيبها، وهذا في الواقع يفاقم الظاهرة ويمنح متنفّسا ومساحة واسعين لعمل هذه العصابات ومضاعفة غلّتها من الضحايا والقيام بـ (إنتهاك الأعراض وتدنيس المقدس الإنساني) الذي يصل في كثيرمن الحالات إلى إستغلالهن في أعمال" الدعارة" أوالمتاجرة بالأعضاء البشرية التي تُفضي في النهاية إلى التخلُّص من حياة الضحايا.
التعامل بمسؤلية:
لابد من وجود قرار جاد وتوجّه حازم من طرف الأمن، يتم من خلاله التشديد على مختلف القطاعات والأجهزة الأمنية للتعامل مع هذه القضية وفقا للقانون، بعيدا عن أي إجتهادات جانبية أوتوصيفات وفتاوى ما جاء بها من سلطان، خاصة وأن هذه الأجهزة تعمل محكومة بقوانين ولوائح وأنظمة وليست جميعة خيرية أوجماعة " أمر بمعروف ونهي عن منكر" .
إعادة الفتيات وضبط العصابات:
يحدونا الأمل أن نسمع في أقرب وقت ممكن خبرا يُفيدُ بقيام قسم العلفي ووزارة الداخلية بإعادة الفتاة التي أُخفيت بفعل فاعل صباح (10سبتمبر) وغيرها من الفتيات الّلواتي لم يُبلّغ عنهن أو يسمع بإختفائهن أحد.
ويحدونا الأمل أيضا، أن تُخصّص الداخلية عامة، والإخوة أنصار الله خاصة - وهم شُطّار ومشهود لهم أمنيا - مساحة كافية في قائمة أولوياتهم ،تُعنى بهذا القضية الحساسة والخطيرة التي قد تحدث - لا سمح الله - لأي شخص، سواء كان كبيرا أو صغيرا.
أمنية أخيرة:
ومثلما نسمع دائما عن أخبارتُفيدُ بتمكُّن العيون الساهرة من إلقاء القبض على عناصر وأشخاص يهددون أمننا القومي لصالح قوى العدو الخارجي، وبعض المقبوض عليهم ، في الكثير من الأحيان، بسطاء جدا، أودُخلاء على الصحافة وفي أحسن الأحوال صحفيين من الدرجة العاشرة بعد المئة، يكتبون بالعافية بوست أوبوستين في الفيس بوك والواتس آب أكثرمن نصف كلماته أخطاء إملائية ولُغوية..نُريد أن نسمع في المقابل أخبارا تقول لنا بإنه تم إلقاء القبض على شبكة تعمل على خطف النساء والأطفال وتم تفكيكها.
ولا ننس في هذا المقام من أن نذكّرالمعنيين بحقيقة أن من تولّى أمر الناس عليه أن يتحمّل مسؤلياته القانونية والأخلاقية والقيام بها على أكمل وجه .
ملاحظتان:
1- بعد كتابتي السابقة عن خطف الطفلة وجدان" ،حُرّكت القضية، ووجِدت المخطوفة وأعيدت لأسرتها " سليمة" إلا من تداعيات ومضاعفات نفسية.
2- شرفتني أسرة المخطوفة الأخيرة، بإطلاعي على القضية، لثقتها الكاملة بي دون غيري،- حسب تأكيدها - وطلبت مني عدم الإدلاء بأي بيانات تتعلق بالفتاة وأسرتها،لموانع اجتماعية بحتة..أعتقد أن المستثنى من هذا الطلب، الجهات الرسمية الجادة في التحرّك للبحث عن الضحية وتفكيك الشبكة.
عبدالكريم المدي |