لحج نيوز/بقلم:د-عبدالعزيز المقالح -
تشكو أقطار العالم أجمع وبلا استثناء من التخريب الذي لحق بالنباتات، وما أحدثته المستجدات (العلمية) من تغيرات على صعيد كثير من مكونات الغذاء البشري . وفي حين بدأت الأقطار المتقدمة تحذّر من الإفراط في استخدام المبيدات في الزراعة، وفي تشديد الرقابة على استخدام أنواع من المواد العضوية التي تتشكل منها هذه المبيدات، فإن العالم الثالث -ونحن في المنطقة الأسوأ من هذا العالم - لا يهتم بما يحدث ولا بما يقال ، والرقابة في بلداننا غائبة أو محصورة في الهم السياسي، ولا علاقة لها بالأمن الغذائي المتعلق بحياة الناس وموتهم، وهنا ، وفي هذه البلدان تنهض أبشع صورة للتخلف، وأوضح صورة لعدم الاهتمام بالإنسان ، هذا الكائن الجدير بأن يحيا في أمان من الأمراض الخطيرة، فهو المخلوق الأرقى الذي من أجله نشأت الدول، وتكوّنت الحكومات، وصدرت الدساتير والتشريعات وتألفت البرلمانات . ولا يختلف حالنا في هذه البلاد الحبيبة عن حالة بقية مواطني العالم الثالث، وربما زادت مشاكلنا نتيجة انصراف النخبة الواعية إلى السياسة، وانغماسها في المزايدات والمراهنات ، وكأنها قد أدّت واجبها نحو المواطن ومشكلاته العميقة، وفرغت من همومه المباشرة، ولم يبق أمامها سوى التفرغ للشأن السياسي، وإذكاء جذوة التنافس والمكايدات، وإطلاق الأحكام المتسرعة هنا وهناك مع إهمال تام للأمور التي يعاني منها الوطن، والتي تشكل الروابط الحقيقية بين السياسي والناس ، وهو ما يؤدي إلى انصراف الغالبية العظمى من المواطنين عن التجاوب مع ما تطرحه هذه النخبة المتعالية، سواء كانت في السلطة أو في المعارضة، فالمعيار الصحيح لدى المواطن يتمثل في السلوك أولاً، وفي الإنجازات ثانياً ، أما الجعجعة والكلام المنمق فلا قيمة له، وهو خارج المعايير الشعبية . لقد انتشرت - في الآونة الأخيرة - الأمراض الخطيرة بدرجة تستفز الوجدان، وتدعو إلى التفاف الجميع القادرين منهم وغير القادرين، وإلى التركيز على مصادر الغذاء وسلامة ما ننتجه وما نستورد منه حماية لأرواح الناس من ناحية، ولحماية الاقتصاد الوطني من ناحية ثانية ، فالطائرات التي تحمل طوابير المرضى المصابين بالسرطان وبقية الأمراض القاتلة، تستدعي موقفاً عاجلاً ومسئولاً لمحاربة الأغذية المسرطنة والفاسدة، ومنع استخدام المبيدات المدمرة للمناعة، ليس في القات وحده كما يدعي البعض، وإنما في كل أنواع الخضروات والفواكه، وفي المعلبات الفاسدة التي يتم استيرادها دون رقيب ولا حسيب . وإذا كان هناك نوع من الرقابة الرسمية السلبية، فإن ضمائر بعض من يتولونها في إجازة. عندما نتساءل كم جهازاً متخصصاً في سلامة الغذاء، يأتي الرد بالنفي. وكانت جمعية حماية المستهلكين قد بدأت في ممارسة دورها الرقابي بقدر من الإيجابية لكنها كأي نشاط إيجابي شعبي تكاسلت ودخلت أخيراً في خانة الغياب ، ولم تعد تزور والأسواق البقالات الكبيرة؛ لتتعرف على ما تقدمه بعضها للمواطنين من سموم في علب وكرتونات ملونة. لقد نجحت السلطة والمعارضة في إذكاء الخصومات، وإطالة الوقوف عند القضايا الثانوية ، ونسي الجميع أو تناسوا ما يشغل الغالبية الساحقة من المواطنين ، وما يشهده العالم من أزمات، وما يقترحه العقلاء في هذه الأوضاع من معالجات آنية ومستقبلية؛ بعيداً عن إذكاء نيران الاختلافات، ورفع مستواها عن الحد المسموح به، بوصفها طبيعية في حياة كل شعب، وأسلوباً مسلماً به في الديمقراطيات الراسخة أو تلك التي في الطريق. وثقتي كثقة المواطنين كبيرة في أن صوت العقل لا مكان له ، وأن الذين نجحوا في تطوير الخلافات وتنمية المعوقات لا يجدون شيئاً آخر غير ما ألفوه، ونجحوا في إدارته. الشاعر عبدالرحمن السقاف في ديوانه الجديد: "مدينة بلا بيوت" هو عنوان الديوان الأحدث لشاعرنا المبدع عبدالرحمن السقاف. ومن النافل القول إنه من أبرز شعراء السبعينيات وأكثرهم حضوراً، ورغم المتاعب الصحية التي عانى منها، ما يزال يتصدر ساحة الإبداع الشعري، وفي ديوانه الجديد ما يعد دليلاً على هذا التصدر الجميل. يضم الديوان تسعاً وعشرين قصيدة من إصدارات الهيئة العامة للكتاب ويقع في 146 صفحة. تأملات شعرية : يجمعنا وطنٌ واحدْ وترابٌ وهواءٌ واحدْ ونخاف من الحرب ومن وجه الجوع ومن طغيان الصوت الواحدْ. يا تجـّار الحرب ويا أنصار الفوضى سنظل نناجي بالكلمات ضمائركم ونحرك بالشعر بقايا الوعي الراكدْ!