لحج نيوز: إيمان محمد - أثارت تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالقاهرة أمس، والتي قال فيها: "لا حوار مع من لا يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني" -جدلا واسعا، كان أبرزه ما عبرت عنه حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أنها تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن مع "وقف التنفيذ" لحين إصلاحها، بينما اعتبرت الجهاد تصريحات عباس "إساءة للمنظمة ومحاولة للتهرب من الاستحقاقات التي فرضتها الحرب على غزة".
وردا على اشتراط عباس قال محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة حماس إنه "بالنسبة للاشتراط الجديد الذي أطلقه عبّاس للحوار معنا، فنطمئنه أنّنا لا نستجدي الحوار ولا نركض وراءه"، مشيرا إلى أن "الحركة تعترف بمنظمة التحرير كممثل شرعي للفلسطينيين، ولكن مع وقف التنفيذ حتى يتم إصلاحها"، بحسب ما نقلت عنه هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.
وأضاف "لم نفاجأ باللهجة الانفعالية التي تحدّث بها عبّاس، والتي انطوت على اتهامات باطلة ومزايدات رخيصة وتزّلف إلى مصر، هي ليست بحاجة إليه، وهو ما يعكس حالة الارتباك والانفعال التي يعيشها عبّاس بعد الانتصار الكبير الذي حققته حماس وفصائل المقاومة في قطاع غزّة".
ومن جانبه قال فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس، في تصريح صحفي "نؤكد على أننا عندما نطرح مرجعية وطنية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ليس على قاعدة البديل عن منظمة التحرير، وليس على قاعدة شطب منظمة التحرير الفلسطينية، إنما نطرح هذه المرجعية؛ لأن هناك فصائل مقاومة فلسطينية وقوى ممانعة ما زالت خارج إطار المنظمة، ولن يفتح لها المجال على مدار سنوات للدخول لهذه المنظمة أو إصلاح مؤسساتها".
وبعد تصريحات عباس أمس اتهم أسامة حمدان ممثل حركة حماس في لبنان عباس بأنه ربما "يريد أن يغطي على صفقة سياسية جديدة" مع إسرائيل.
وتأتي تصريحات عباس التي أطلقها خلال زيارته القاهرة أمس الأحد لإجراء مباحثات مع الرئيس مبارك حول الأوضاع في غزة، ردا على دعوة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مؤخرا لتأسيس مرجعية جديدة لفلسطينيي الداخل والخارج بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية.
"استحقاقات" حرب غزة
بدورها انتقدت حركة الجهاد الإسلامي بشدة تصريحات محمود عباس حول رفض الحوار واعتبرتها "محاولة للتهرب من الاستحقاقات التي فرضتها الحرب على غزة التي أسقطت أكثر من 1400 شهيد خلال 22 يوما، ووضع عقبات جديدة في طريق الجهود والمساعي الجارية لتضميد الجراح وتعزيز الصمود الفلسطيني".
وقالت الحركة على لسان داود شهاب المتحدث الرسمي باسمها: "إن استخدام منظمة التحرير ذريعة لهذه العراقيل هو وجه جديد من أوجه التنصل، ويمثل إساءة جديدة للمنظمة التي يفترض فيها أن تكون خيمة التقاء"، موضحا أن "احتكارها بهذه الطريقة يجعلها أداة في غير موضعها".
وشدد شهاب على أن حركته تعتبر أن "أحدا لم يسئ لمنظمة التحرير، بقدر ما أُسيء لها في حديث عباس"، الذي عدّه "إصرارا على إبقاء المنظمة إطارا ضيقا من خلال تجاهله المستمر لدعوات كافة الفصائل بضرورة بنائها على أسس وطنية، وتنكره لاتفاق القاهرة عام 2005 الذي نص على ذلك بوضوحٍ تام".
يشار إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أمام المجتمع الدولي بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974، ومنحت المنظمة بموجب هذا القرار صفة "مراقب" داخل المنظمة الدولية.
ووقعت حركتا حماس وفتح وسائر الفصائل تفاهمات مارس 2005 في القاهرة بشأن إصلاح المنظمة وإعادة هيكلتها بما يسمح بانضمام حماس والجهاد إليها، لكن هذه التفاهمات ظلت منذ ذلك الحين حبرا على ورق.
هجوم عباس
وكان محمود عباس قد هاجم أمس الأحد حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي عقب اجتماعه بالرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة، وأعلن في مؤتمر صحفي أنه "لا حوار مع من يرفض منظمة التحرير الفلسطينية؛ لأنها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني".
وقال عباس "عليهم أن يعترفوا بلا لبس ولا غموض ولا إيهام بأن المنظمة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وعند ذلك يكون الحوار".
ووصف عباس مسعى حماس لـ"قيادة فلسطينية بديلة" بأنه مشروع تدميري، ووصف القائمين عليه بأنهم "عابثون أو مخربون أو مدعون.. ينطلقون من أجندات ليست فلسطينية".
وفي انتقاد مباشر لقيادات حماس في دمشق، قال عباس إنها "تتحمل المسئولية بالمراسلة، ومن الأماكن الآمنة عن إلقاء الناس إلى التهلكة، وهذا عمل غير مسئول".
وكان خالد مشعل قد صرح خلال مهرجان احتفالي في العاصمة القطرية الدوحة الأربعاء الماضي بأن من وصفها بـ"قوى المقاومة الفلسطينية" تتداول "بناء مرجعية وطنية تمثل الداخل والخارج، وتضم جميع القوى والتيارات والشخصيات الوطنية الفلسطينية"، وأضاف: "لم يعد مقبولا أن يظل الشعب الفلسطيني من دون مرجعية تمثل الداخل والخارج، وتحافظ على حق العودة".
وبرر مشعل دعوته بأن فصائل المقاومة ممنوعة منذ أربع سنوات من دخول منظمة التحرير وإعادة بنائها، معتبرا أن المنظمة في حالتها الحالية "لا تشكل مرجعية، بل تعبيرا عن حالة عجز، وأداة لتعميق الانقسام".
|