لحج نيوز/ بقلم:فكري قاسم -
يفلح اليمنيون أكثر من أي شيء في مسألة اجترار الأحقاد ونبش حكايات الموت والدم. وعدد أعيرة الرصاص التي استخدمها اليمني لقتل أخيه اليمني تفوق عشرة أضعاف عدد أعيرة النار التي استخدمت في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
قادة المعسكرات المنتصرة في فك حصار السبعين يوما بصنعاء، تم تصفيتهم سريعا وقيل لنا إن ذلك تم من أجل المصلحة العليا وحفاظ على وحدة الصف!.
المواجهات الدموية بين جبهة التحرير والجبهة القومية بعد الاستقلال مباشرة ف يعدن، هي الأخرى قيل إنها تمت من أجل المصلحة العليا وحماية وحدة الصف. الحروب الشطرية سنة 1972م وسنة 1979م وحرب 13 يناير 1986م وحرب صيف 1994م وحروب صعدة الـ6 واستخدام الجيش لتخفيف الاحتقانات في الجنوب الآن.. حدث كل ذلك وقيل لنا إنها من أجل المصلحة العليا للبلد.!
لدينا مخزون سيء من الذكريات والأحداث الدامية وكل جماعة تصل الى السلطة هنا تتفرعن ويصير في اعتقادهم أنهم أسياد هذا الكون، في حين أنهم، أصلا، مخلوقات ناقصة ولا تتمتع ببعد النظر والحكمة الكافيين ليروا عواقب ما فعلوه بنا كشعب.
وفي حقيقة الأمر لا الرئيس صالح ولا نائبه ولا الحكومة ولا نواب الشعب ولا الأحزاب السياسية ولا المشائخ ولا قادة الحراك ولا رجال الدين ولا بيوت التجارة، لا أحد من هؤلاء يستحق الاحترام والرفعة.. جميعهم ساهموا في إحالة البلد ثكنة عسكرية وجنازات موتى وإلى مشاريع ارتزاق وطز بأبوها اليمن.
50 عاماً من عمر الثورة والجمهورية و 20 عاما من عمر الوحدة ونحن نحارب بعضنا بعضا ونقتل بعضنا بعضا ونغض الطرف دائما، لماذا؟ لأنه قيل لنا إن ذلك تم من أجل المصلحة العليا للبلد، من أجل الدين ومن أجل الله بغض النظر عن الأذى الذي ألحقوه بالمجتمع في الحقيقة.
ما الذي جنيناه خلال الـ50 سنة الفائتة غير أننا منذ أحداث أغسطس الدموية 1968م صرنا أصحاب "مطلع" و أصحاب "منزل" ومن بعد أحداث 13 يناير 1968م صرنا "طغمة و "زمرة" ومن بعد انتصار 7 يوليو 1994م صرنا "دحابشة" و "انفصاليين" وخلال حروب صعدة الطاحنة عدنا "معردسين" الى خانة المذهبية وخسرنا الوعي الوحدوي شمالا وجنوبا يا للأسف.
ما الذي يمكن أن نكابر به وكل هذه الدماء كافية لأن تجعلنا أضحوكة او كشعب سخرة بين الأمم؟.
ومع أننا شعب "سع" يوم الجن.. شعب تعدادنا قرابة الـ24 مليون نسمة، لكننا اعتدنا دائما أن نعيش محشورين وبقسوة في عبوات صغيرة.. عبوة علي عبدالله صالح.. عبوة طارق الفضلي.. عبوة عبد ربه منصور هادي.. عبوة علي سالم البيض.. عبوة حميد الأحمر.. الخ. هذه عبوات صغيرة لكنها مدمرة وناسفة.
وفي كل مرة، في كل حقبة من التاريخ لدينا عبوة نحتشر فيها كشعب ثم نلقاها تنسف أبو هذا البلد وتغادر ولا نتعظ أبدا.
إنه لمعيب علينا أن نقضي بقية حياتنا في هذه الحالة من الاستنفار، البنادق مصوبة إلى رؤوس بعضنا بعضا والأصابع ترتجف على الزناد.
إلى أسر ضحايا أحداث الحجرية يريد عبدالله عبدالعالم محاكمة عادلة، ومثله عبدالرقيب القرشي.. لا أحد يرفض مثل هذا العرض إلا إذا كان على قناعة أصلا بأنه ليس على حق.
*حديث المدينة