لحج نيوز/خاص :عطية إبراهيم شعت -
فئة انحرفت عن الطريق القويم، وامتهنت النصب والكذب والخداع وبيع الأوهام، وممارسة أعمال حرمها ديننا الإسلامي مستغلة آهات ومعاناة الشباب الغزى بعد أن أتاحت لهم الأرضية الخصبة في القطاع المنقسم على نفسه والمحاصر منذ أربعة أعوام سهولة اصطياد الباحثين عن المستقبل الذي بات من الواضح انه مظلم فاشتروا خوفهم من المجهول بدولارات صبت بجيوب الدجالين ليكونوا ثروة من أحلام وآهات الحالمين بمستقبل مشرق وآخرون اتخذوا من مهنة الشعوذة ستار لاصطياد الفتيات وإسقاطهن ببحر العمالة .
شباب ضائع فى وطن جريح
يعانى معظم الشباب الغزى من الاكتئاب بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل وانتشار الفساد والمحسوبية وغياب العدالة الاجتماعية حسب قول احدهم الذي بحث عن مستقبله المجهول على أبواب المشعوذين فيقول بصوت لا يخلو من الحسرة أنا خريج منذ سبع سنوات بحثت عن عمل ولكنى لم أوفق ،فمعروف أن الواسطة والحزبية تتحكم بسوق الوظائف حتى في المؤسسات الخاصة ،ويتابع بعد أن شارفت على الثلاثين دون أن افعل شيئا انتابتني حالة من الاكتئاب ،ومن هنا بدأت رحلتي مع المشعوذين حيث طرقت أبواب العشرات منهم واقنعنى بعضهم اننى ممسوس وآخرون اقنعونى بأن عدم عملي سببه سحر من احد اقربائى ويسترسل قائلا فعلت كل ما طلبوه منى بالحرف الواحد وانفقت مبالغ كنت بأمس الحاجة إليها ولكن الحال بقى على ما هو عليه ،وكل ما احلم به الآن الخروج من غزة أو كما وصفها بالحرف "جحيم غزة".
أما عبد الله يروى تفاصيل معاناته فيقول عمري تعدى الثلاثين ومازلت عاطل ولم أتزوج واحلامى تبخرت كلها فى الهواء ويسترسل قائلا منذ عام بدأت اشعر بتغيرات في المزاج وأصبحت عصبي لدرجة جعلت اهلى يشكون باننى ممسوس وأصرت والدتي الذهاب لما يسمى شيوخ حيث اقنعوها اننى ممسوس وآخرون أكدوا لها أن أحدا ما قد عمل لي عمل وإمام رغبته والدتي ذهبت إلى المشعوذين حتى أدمنتهم واعتقدت أن أمور حياتي ستتغير ولكن الحقيقة اننى كنت فريسة سهلة لخداعهم .
حمدي 30عاما موظف في مؤسسة خاصة انفق أكثر من خمسة ألاف دينار على مدار ثلاثة أعوام بعد أن أقنعه احد المشعوذين أن احد من خصومه في العمل عمل له سحرا كان السبب وراء فشله في حياته الخاصة بعد أن خطب أربعة مرات وفشل .
عوانس غزة ينفقون آلاف الدولارات لجلب العريس
كانت قصة فاطمة 34 عام المهووسة بزيارة المشعوذين حتى أنها تعرف معظم المشعوذين في القطاع قد استهوتنى للوقوف عندها حيث علمت منها أنها أنفقت على مدار خمس سنوات أكثر من سبعة ألاف دولار على المشعوذين لكي تفك حسب قولها العمل الذي يمنعها من الزواج و رغم ذلك مازالت تبحث عن نصيبها عند المشعوذين وكلما سمعت بأحدهم تذهب إليه على الفور وتلبى كل طلابا ته ليفك نحس بختها .
أم خالد تعتقد بل تجزم أن عدم زواج بناتها سببه سلفتها "زوجة شقيق زوجها" الذي قامت بعمل سحر تمنع الخطاب من دق باب بيتها فجالت محافظات القطاع من جنوبها لشمالها ومن شرقها لغربها تبحث عما يفك "عمل وقف الحال"،والغريب أن كل مشعوذ يؤكد لها أن عدم زواج بناتها سببه عمل قوى ورغم أنها تنفق أموال ضخمة على كل مشعوذ دون نتيجة إلا أنها ما زلت مصرة أنهم ليسوا نصابين ولكن العمل المعمول لبناتها قوى لا يستطيعوا فكه ويحتاج لشيخ شاطر حسب قولها .
تحرش وإسقاط
أثناء اعدادى لهذا التقرير كنت أتحدث مع إحدى الزميلات في الضفة الغربية وأبلغتها اننى بصدد عمل تحقيق عن السحر والدجل وكانت المفاجئة أنها أحضرت لي ضحية حاورتها عبر الايميل كشفت لي خبايا وأسرار خطيرة عن عالم المشعوذين .
منى 24 عام تتمتع بقدر من الجمال هكذا عرفت عن نفسها روت تفاصيل حكايتها المريرة مع احد المشعوذين حيث قالت بدأت أتردد على المشعوذين بعد أن تقدم لخطبتي خمس شباب وفى كل مرة يحدث أمر ما وينتهي الأمر بفشل الخطبة .
وتضيف: أقنعتني صديقتي أن أحداً عمل لي عملاً حتى لا أتزوج ،في البداية لم اقتنع بكلامها، لكنها أقنعتني أن أختها مرت بنفس مشاكلي وبعد أن ذهبت إلى هذا الشيخ (مجرد لقب للتبجيل، فهو يكاد يقرأ بصعوبة) قد تزوجت ، وفعلا ذهبت إليه والمفاجئة انه كان شاب وسيم في بداية العقد الثالث من عمره ،واقنعي بوسامته وبطيبته المزيفة وبكلامه المعسول ،وطلب منى زيارته مره ثانية وبعد أسبوع ذهبت إليه مره أخرى وطلب منى النوم على السرير وبدأ يتمتم وفجأة وضع يده على رأسي ثم شعرت بيده تتحرك على مناطق حساسة بجسدي وعندما أبديت اعتراض اقنعنى أن الجن ساكن بهذه المناطق وبدأ ت حركات يده تزداد لدرجة لم اعد احتمل فيها وانتفضت وهربت ،وأيقنت أن هذا الشيخ الملعون كان يتحرش بى ،وكانت المفاجئة أنه قام بالاتصال على وحاول اقناعى بضرورة زيارته مرة أخرى وحاول أن يفهمني انه معجب بى ،ولان الله أراد أن ينجيني لم اذهب إليه بالطبع بعد صراع مع نفسي ومرت الأيام لتنتشر أخبار الشيخ بأنه عميل هرب إلى إسرائيل ، كان يتخذ من الدجل ستار يصطاد به الشباب والفتيات عبر تحسس مناطق ضعفهم ومعرفة احتياجاتهم ومشاكلهم .
تحدثت مع العديد من الفتيات والنساء فى غزة ممن كان لهم تجارب مع المشعوذين وحدثتني بعضهن بصراحة أن بعض هؤلاء المشعوذين قاموا بصورة أو بأخرى بالتحرش بهن ، وقالت إحداهن أن احد الشيوخ كان يتعمد وضع يده على مناطق حساسة بجسدي بحجه انه يطهر جسدي من المس الذي اصابنى.
خرافات..حصار ..انقسام
وللاقتراب أكثر من الأسباب والعوامل التي تؤدي ببعض الناس إلى اللجوء إلى المنجمين والعرافين وقارئي الطالع والكف التقينا بالأستاذة وداد الاسطل مدرس علم اجتماع وقضايا معاصرة والناشطة الاجتماعية « الذي تحدثت عن تلك الأسباب والعوامل قائلة :
في الحقيقة وفي يقيني الراسخ أن لجوء بعض الناس »رجالاً كانوا أو نساءً« إلى أشخاص يدعون »والعياذ بالله« أن في مقدورهم معالجة الأمراض وحل المشاكل يعود إلى أسباب كثيرة أهمها: ضعف الوازع الديني وكذلك الأمية والجهل والفقر واضعة تحت الفقر مائة خط حيث أشارت الى أن انتشار هذه الظاهرة في الفترة الأخيرة بين الخرجين والمثقفين يعود بالأساس إلى تردى الأوضاع الاقتصادية الذي سببها الحصار دون أن تنسى الاسطل ربط انتشار هذه الظاهرة بالوضع السياسي في القطاع حيث ألقت اللوم بنسبة كبيرة على حالة الإحباط في الشارع الغزى الناتجة عن الانقسام الفلسطيني الفلسطيني.
وأضافت الاسطل أن للعادات والتقاليد السلبية دوراً كبيراً في دفع هؤلاء الناس للبحث عن علاج في أوكار الدجالين والمنجمين والمشعوذين ولا ننسى هنا أن نشير أيضاً إلى دور الخرافات والخزعبلات في التأثير على هؤلاء الناس وإقناعهم بأن أولئك المخادعين يمتلكون العلاج والحل للمشاكل والأمراض.. وما أود قوله في هذا الموضوع أيضاً:نحن مسلمون وشريعتنا الإسلامية السمحاء تنهانا عن التوجه وطرق أبواب الدجالين والمخادعين والمنجمين، لما في ذلك من ذنب واثم كبيرين وأحب أن أشير هنا إلى أن الأضرار التي يجنيها المجتمع كثيرة ومتعددة أهمها وأبرزها على الإطلاق: الذنب والأثم اللذان يجنبهما كل من يذهب إلى دجال أو مشعوذ أما الأضرار الأخرى، فهي كثيرة منها: هدر الأموال.. المشاكل الأسرية.. ضياع الوقت.. تعرض من به مرض للخطر وغير ذلك من الأضرار النفسية والاجتماعية والفكرية وأحيانا الوطنية ..... إلخ..
لا شك أن هؤلاء الدجالين يضرون ولا ينفعون ولا يهمهم في المقام الأول والأخير إلا جمع المال فقط وخداع بعض الناس وإيهامهم بأنهم يمتلكون مفاتيح الحل للمشاكل ويمتلكون »بلاسم« لعلاج الأمراض ،والسؤال الذي يطرح نفسه أين الجهات الأمنية من هؤلاء ولاسيما الذين يستخدمون الدين والقرآن ستار لأعمالهم المشبوهة تحت مسميات العيادات القرآنية التي انتشرت بصورة ملحوظة في القطاع المحاصر.
|