لحج نيوز/بقلم:زينب غاصب -
الدين الإسلامي دين الفطرة المطبوعة على السعة، ودين التطبيع في الحياة، ودين المنافع التي تفيد الناس وتيسر أمورهم، ومن هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا»، وكان عليه الصلاة والسلام، وهو سيد البشر وسيد الذين تُهيئ لهم عقولهم الوصول إلى مرتبته بسن التشدد وتدليس مفاهيم الدين، يعيش الحياة البشرية الطبيعية يزور الرجال والنساء، ويستمع إليهن في حاجاتهن، وأسئلتهن، وأشعارهن ومنهن الشاعرة الخنساء، ويرد على سلامهن، وكانت النسوة تعيش أزهى عصورها في العهد النبوي، فالرسول الكريم أشركهن في كل أمور الدين والدنيا، من دون ترفع ومن دون تعالٍ، ومن دون نعرة ذكورية، أو حقد أو كره للنساء، لأن الله «أدبه فأحسن تأديبه»، لكننا الآن نعيش عصر «قلة الأدب» مع الله ومع رسوله ثم مع الناس، حتى اجترأ المتشددون على تغيير معالم الشريعة، فيخرج علينا من ينادي ويحرم كشف وجه المرأة أمام النساء، لنصبح، إن لم نكن مضحكة أمام العالم وأمام الشعوب الإسلامية خصوصاً، وفيها من العلماء من يفوق من عندنا علماً، واجتهاداً، وفكراً، وفهماً للدين الإسلامي الذي هو بالطبع ليس حكراً على من عندنا من أصحاب الفتاوى المبكية، المضحكة، بدءاً من فتوى هدم بيت الله الحرام، منعاً للاختلاط الذي هو موجود منذ عصر النبوة، وما تبعه من عصور إسلامية، إلى تحريم كشف وجه المرأة أمام أختها المرأة، تُرى ماذا يدور في عقول هؤلاء؟ ولماذا يصرون على جر الناس وراء شريعتهم التي هي بالطبع ليست من شريعة الإسلام؟
لا أحد يعتقد أن هؤلاء يطلقون فتاواهم خدمة للشريعة الإسلامية، أو حباً في الإسلام بقدر ما يخدمون أيديولوجية مرسومة لغاياتهم، وقد ثبت ذلك بالأدلة، كيف يحاولون تطويع العامة الجهلاء خلفهم لضمان الولاء منهم في حال تحقيق مآربهم السياسية، والغريب أنك لا تسمع أصواتاً لأولئك الذين يزعمون أنهم من المعتدلين ليكبحوا جماح من يجعلون أنفسهم قرناء لهم في العلم، حتى لم تعد تعرف المناصحين من المتعاطفين الصامتين، وأظن أن الناس ليسوا أغبياء لهذه الدرجة وهم يعلمون تماماً أن الدين بريء من كل هذه الفتاوى المتطرفة، وإن كان هنالك جهلاء حتى إذا أرادوا أن يحكوا رؤوسهم ذهبوا يستفتون في ذلك، فهنالك أيضاً من لا يكترث بهذه الآراء الشاذة عن روح الإسلام، ومازالت هنالك عقول لم تصب بعد بزهايمر الفكر.
لماذا يا ترى يحاولون إيقاف عجلة التطبيع البشري، الذي هو أصلاً من شريعة الإسلام، ويصرون على أن نكون خلف الأمم ويستبسلون لتحقيق هذا التراجع؟ ما الدافع الكبير الذي يجعل هؤلاء يتعمدون وعن سبق إصرار وتقصد، تضييق دائرة الدين الواسع لتكون تبعاً لأهوائهم، وأهدافهم وتحقيق نزواتهم في تحليل المتع وإهانة كرامة المرأة التي هي شقيقتهم في كل شيء بنص الحديث الشريف الذي يتناسونه وكأنه ليس من النصوص الصحيحة «النساء شقائق الرجال» وقوله عليه الصلاة «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم»، ترى كم لئيماً سنحصي إذا ما أردنا التمحيص؟
أما القرآن فكلنا يعلم أن الخطاب فيه عام للنساء والرجال على حد سواء، والأحاديث الضعيفة والمشكوك في صحتها فهي المبتغى والمشتهى لهؤلاء، متناسين أن الناس لم تعد في تلك الأمية التي لا تجعلهم يعرفون دينهم، وهناك حرية وهبها الله للناس في أن يختاروا ما يريدون حتى في الدين نفسه، إذ لا إكراه فيه.