لحج نيوز/يقلم:محمد إقبال -
ويبدأ الهجوم
تنتشر أربعة سيارات إطفاء وسيارة إطفاء كبيرة أخرى أمام الباب الرئيس للمخيم في الضلع الغربي (والذي يعرف ب”باب الأسد(” منذ الساعة الرابعة من صباح الثلاثاء 28 يوليو 2009 وتتدفق ارتال من وحدات مختلفة للشرطة العراقية والجيش العراقي من ضمنها قوات مكافحة الشغب والقوات الخاصة المسماة بـ”العقرب” وقوات الشرطة التقليدية والقوات تحت التدريب في مركز تدريب الشرطة بجانب المخيم ترافقها عشرات من مدرعات”همفي” (الهامر) الأمركية الصنع وسيارت ”جيمس” المجهزة بالرشاشات والآليات الأخرى التابعة للشرطة وشفلات (لودرات) وسيارات الإطفاء (تتدفق) من الشارع المؤدي للمخيم إلي الباب الرئيس. وتحمل هذه القوات زائدا على الاسلحة النارية والغازات المسيلة للدموع وغاز الفلفل والدرع، الهراوات وانواع الأسلحة البيضاء كالفؤوس والمناجل والهراوات الخشبية وعصي مغطاة بالمسامير وقضبان حديدية وأحزمة وسلاسل وسائر أنواع الأسلحة. وكانت هذه القوات تأخذ التشكيل بالتراصف إلى عجلات الـ همفي وسيارات رش المياه الساخنة. ومنذ الساعة الثامنة صباحا بدأ قادة القوات العراقية بتوجيه القوات وكانت القوات جاهزة للهجوم منذ الساعة الثامنة والنصف صباحًا.
وتستمر مفاوضات ممثلو سكان أشرف ظهر الثلاثاء 28 من يوليو مع قادة القوات العراقية ومبعوثين من مجلس الوزراء العراقي وخلال هذه المفاوضات اتصلوا من بغداد 3مرات بممثل رئاسة الوزراء حتى تم في النهاية إيعازه بقطع المفاوضات ومباشرة الغارة. وسنرى أن شدة الاعتداء وكثافة القوات العراقية وطبيعة القوات المشاركة في الاقتحام وتصرفاتها الاجرامية تعكس الأهداف التصفوية لهذه العملية وتؤكد أن القضية ليست فرض السيادة وانما القضاء على أشرف تلبية لطلب النظام الإيراني.
وكان المهاجمون قد حشدوا اكثر من الف عنصر من قوات الشرطة والجيش من أجل هذا الهجوم الاجرامي. وكانت الوحدات و القادة المشاركين في الهجوم: اللواء الركن عبد الحسين الشمري (داموك) قائد شرطة ديالى. قائد قوات الرد الفعل السريع في ديالى، وقائد العمليات في شرطة ديالى و قائد قوات الشرطة التي جاءت من بغداد وعقيد ارسلته وزارة الدفاع العراقي من بغداد، وحدة حماية القصور التابعة لوزراة الداخلية والفوج الثاني لقوات رد الفعل السريع التابعة لشرطة ديالى وفوج الرد الفعل السريع في ”العظيم ”، وسرية من قوات مكافحة الشغب وسرية من مركز تدريب الشرطة والفوج الأول لقوات رد الفعل السريع في الخالص وفوج رد الفعل السريع في العظيم وسرية أخرى من شرطة مكافحة الشغب وسرية أخرى من مركز تدريب الشرطة وفوج من قوات تحت التدريب في مركز تدريب الشرطة، فوجين ناقصين من قوات رد الفعل السريع في بعقوبة والفوج الثالث المشاة الآلي التابع للواء 37 من الفرقة المدرعة التاسعة، ورعيل من الهندسة العسكرية التابعة للفرقة الثالثة بثلاثة شفلات وقوة مكافحة الحريق بخمسة آليات. ومنذ عصر 28 من يوليو حتى الساعة العاشرة صباحا لليوم التالي الأربعاء 29 من يوليو تصل إلي أشرف وحدة من لواء العقرب في بغداد والقوة الخاصة لرئاسة الوزراء وقوات سوات (SWAT) وفصيل تعزيزي من قوات اطفاء الحريق ورعيل تعزيزي من الهندسة العسكرية وكان واضحا من شكل الاستعدادات وأخلاقية القوات وقادتها وشكل وطريقة الهجوم الذي على أربعة جبهات ومن الجهات الأربع على مدنيين عزل لا يملكون عصا للدفاع عن انفسهم بها..كان واضحا أنهم قد عزموا على قتل سكان اشرف الأبرياء العزل.
في الساعة الثالثة وعشرة دقائق بعد الظهر تتحرك حشود المدرعات والآليات العسكرية والقوات العسكرية من خارج المخيم متوجها إلى الباب والطريق بالقرب من الباب الرئيسي للمخيم للانضمام بالأشخاص الموجودين هناك. وفي الساعة الثالثة و15 دقائق وعن طريق مستوصف بجانب الباب الرئيس وباب آخر بالقرب من المكان نفسه يبدأ الهجوم بعجلات همفي (الهمر) العسكرية والشفلات وقوات المشاة.
وفي الساعة نفسها يتحرك رتل كبير من انواع المدرعات والتجهيزات والآليات إلى الضلع الشمالي من المخيم ويتحرك رتل آخر بتجهيزات مشابهه في البداية إلى الجنوب وثم إلى الجانب الشرقي للمخيم بمحاذات السياج الجنوبي في المخيم ويهاجمون من الباب الشرقي.
في المرحلة الأولى من الهجوم الذي كان قد بدأ من الغرب وبالقرب من باب الرئيس، قام المهاجمون بالاستفادة من شفل بتخريب وقلع باب المركز الطبي للمخيم (المستوصف) ويتم الاستيلاء على المستوصف بضرب اعداد من المقيمين واختطاف اعداد أخرى منهم. والمختطفون هم جزء من الرهائن ال36 وسنتحدث عنها لاحقا. وهنا يجب أن نؤكد على أن المقيمين في أشرف كانوا عزل ودون أي أسلحة، ونكرر دون أي اسلحة سواء أن تكون نارية أو بيضاء او حتى خشبية وكما سنشرح وكانوا يستفيدون من ايديهم كحائل أمام ضربات العملاء بالهراوات أو الوسائل الأخرى على ابدانهم ورؤوسهم ولم يكن هناك أي هجوم من قبل السكان الذين كانوا في مواقع حياتهم ووجودهم اليومي.
ويبدأ في الساعات المتأخرة من ليلة اليوم الأول من الهجوم أي الثلاثاء 28 يوليو اطلاق النار بالذخائر الحية على المقيمين ويستشهد عدد من السكان في الحال و ويرقد الآخرون في مستوصف المخيم ويستشهد عدد آخر من هؤلاء الجرحى في الأيام التالية بسبب عدم وصول الإمدادات الطبية وعدم سماح القوات العراقية بدخول الاطباء والجراحين والامدادات الطبية الأخرى.
و صباح يوم الاربعاء 29 يوليو تعاود القوات المتواجدة الهجوم بشكل أثقل وأشد مدعمة من قبل قوات جديدة من مركز تدريب الشرطة وافواج الرد الفعل السريع التي جاءت من مختلف مناطق محافظة ديالى ويستمر إطلاق الطلقات النارية على السكان العزل حتى الظهر. ويستشهد عدد آخر من مجاهدي خلق سكان المخيم وكانت هذه القوات تقوم بصيد ودهس الأشخاص بعجلات همفي (الهمر) وعجلات أخرى مدرعة.
اليوم وبعد مرور عام من الكارثة هناك احصائيات واضحة لجريمة الحرب هذه: وقد أدت هجمات هذين اليومين إلى استشهاد 11 شخصا ونقص في الجوارح لـ 130 شخصا آخر وجرح 370 شخصا اغلبهم يعانون حتى الآن من تداعيات جروحهم واكثر من 1000 مكدوم ومرضوض. وتم اختطاف 36 من مجاهدي أشرف في اليومين الذَين تحدثنا عنهما وتحتجهزهم الحكومة العراقية كرهائن لفترة 72 يوما وتمارس عليهم شتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة ولم يتم اطلاق سراح هؤلاء في حين اصدرت المحكمة ثلاث احكام بتبرئتهم وإطلاق سراحهم إلا بعد حملة دولية واسعة واضراب عن الطعام من قبل المناصرين لمجاهدي خلق في اربعة قارات والاضراب عن الطعام للرهائن أنفسهم وتحول في الأسبوع الأخير إلى إضراب شامل عن الطعام والشراب.
وبلغت قيمة مجمل الأموال المسروقة والمنهوبة والمستولى عليها من سكان أشرف خلال الهجوم الإجرامي الذي شنته القوات العراقية على أشرف مليارين و963 مليون دينار عراقي على أقل تقدير إي ما يعادل مليونين و537 ألف دولار. ولم يتم في هذا التقدير احتساب الخسائر التي لحقت بالعجلات والمركبات والشوارع والمنشآت العامة في أشرف ضمن الأشياء والأموال المسروقة والمستولى عليها. وفي الحلقة المقبلة سنتحدث عن ملاحم سكان أشرف عن لسانهم أنفسهم بإذن الله.
* خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]