لحج نيوز/بغداد :إيناس طارق -
ملاك تبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة، تجلس على عتبة باب منزلهم الواقع في محلة الذهب، ترتدي ملابس ضيقة تبرز مفاتنها الأنثوية ً بفك الأزرار الأمامية لقميصها الرخيص لجذب بعض الشباب القابع في المحلة والذي لا عمل له غير اختلاس النظرات وأحيانا يتعداها للدخول إلى احد المنازل لممارسة الفعل الجنسي،وآخرون يأخذون على عاتقهم جذب الزبائن لقاء عمولة مالية "سمسرة "!
الصعوبة في الدخول
حقيقة وجدت صعوبة كبيرة في الاستدلال على بعض بيوت البغاء الواقعة في محلة الذهب القديمة والتي تكاد بيوتها تتكئ جدرانها الواحدة على الأخرى لقدم بنائها وللوهلة الأولى ينتابك الخوف والقلق من أن تسقط هذه البيوت على ساكنيها ويصيب المارة بعض من حجارتها المرصوفة بشكل عشوائي، فهي قديمة جدا وتعتبر من المحلات السكنية القديمة، ولقربها من كراج منطقة العلاوي فقد أصبحت مرتعاً للمسافرين والوافدين من بغداد والمحافظات،الأمر الذي شجع البعض من الطارئات على هذه المحلة للسكن في غرف صغيرة مقابل إيجار لا يتعدى 15000 إلف دينار شهريا، والانجرار إلى ممارسة مهنة البغاء.
موارد مالية ثابتة
ولولا مساعدة احد الأشخاص الساكنين في المنطقة والذي تعهد بان لا يفصح عن هويتي إذا أعطيته مبلغاً من المال بعذر إنني وجه جديد يدخل إلى المحلة وبحاجة إلى تزكية (واسطة) فبدأنا الرحلة بين عدة بيوت تضم في أروقتها عددا من القصص، البعض يحتاج إلى وقفة ومعالجة نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي افرزتها، والبعض الآخر يحتاج إلى قلع جذوره لأنه يجد في مهنة البغاء موردا مالياً ويزعم أنه يملك الحق لفعل ذلك.
وملاك الفتاة الصغيرة التي تكلمت معي بعد أن طلبت منها قليلا من الماء، و بعد أن أخبرت المرشد الذي معي أن والدتها ذاهبة إلى السوق،حاولت أن أطمئنها وفي الوقت نفسه أن استدرجها إلى الحديث،قلت لها أنت فتاة جميلة وصغيرة، ماالذي دفعك الى طريق البغاء؟ أجابت: لم ابدأ بممارسة البغاء إلا قبل عدة أشهر وقبل ذلك الوقت كنت انظر الى الداخلين والخارجين من الغرف، فقد كانت والدتي وأختي تمارسان البغاء،وكنت ارغب بذلك أيضا وأحيانا تطلبان من الرجال ممارسته معي، لكن والدتي ترفض ذلك وبالمقابل تسمح لهم وتخبرهم " انه يمكنكم الاستمتاع بجسدي بدون ممارسة الجنس فعليا"، و السعر المدفوع لذلك اقل، لكن قبل شهرين اصطحبتني والدتي إلى احد الأشخاص اعتقد انه كان غنيا فقد دفع مبلغا كبيرا لوالدتي جراء ممارسة الفعل الجنسي معي وكما يقول لانني ((عذراء))واستحق العناء، في البداية أحسست بخوف وتكاد قدماي لا تحملاني من شدة الخوف وما يمكن أن يفعله بي هذا الرجل، توقفت لوهلة من الوقت قبل أن يفتح الرجل باب الغرفة، وطلبت منه أن اذهب للتكلم مع والدتي،لكنها رمقتني بعينيها بغضب، وكأنها تطلب مني أن اكون مطيعة، احسست بألم شديد ولم ينفع صراخي وتوسلي بان يتركني أتنفس الصعداء،ولم يتركني الا بعد أن طرقت الباب والدتي واخبرته بان ذلك يكفي ولا تريد حدوث مشاكل بينهم، لكن الان تعودت واعتمدت على نفسي في جذب الزبائن.
فتيات صغيرات
فتيات صغيرات لا تتجاوز أعمارهن الخامسة والسادسة عشرة يجوبن الشوارع ليل نهار للبحث عن مكان يحتويهن من حرارة الصيف. تقول (عبير) التي اكتسبت هذا الاسم من المهنة لانها لاتعرف اسمها الحقيقي، وكانت تنتظر خروج احد الشبان من منزلها بعد أن قطعت له (تكت) (فيشه) تسمح له بالدخول إلى رقم غرفة معينة، وهذه الفيش عبارة عن قطعة بلاستيكية ملونة،والبيت يضم في أروقته ثلاث غرف صغيرة فالبيت برمته لا تتجاوز مساحته 75 متراً مربعا، ودخلت وشاهدت بأم عيني هذه الغرف التي تعلو جدرانها الرطوبة التي غطيت بقطع من النايلون ومدت بعض الافرشة على الأرض وغطيت بأغطية قذرة! وكل غرفة لها رقم كتب على ورقة مقوى علق بـ(مسمار)في أعلى الباب، ومن يرغب أو يختار الفتاة يسلم فيشه اليها حينها تسحبه من ذراعه وتخبره أن وقت المجامعة الجنسية لا يتعدى 15 دقيقة فقط، وهكذا في نهاية اليوم تجمع كل فتاة عدد الفيش الحاصلة عليها ليجمع واردها وتأخذ نسبتها والباقي إلى (سماسرة) عبير، والمبلغ الذي يجب دفعه (للسمسارة) 25 ألف دينار فقط ومن يريد أن يأخذ وقتا إضافيا عليه الخروج والتفاوض من جديد وهو نصف عار!! وحقيقة عبير هي في مرحلة مراهقة وتعتبر أن ما تفعله يستحق التباهي فلم تعترض على سرد قصتها بعد أن أخبرتها إنني اريد أن اخترق هذا المجال ومن الممكن أن اجعلها تجوب دول العالم وإمكانية الحصول على الدولارات، تقول عبير " تركتني والدتي في كراج العلاوي عندما قدمنا من محافظة الديوانية عندها كان عمري ثماني سنوات وبعد ذلك أخذتني امرأة كبيرة في العمر كانت تتسول في الكراج وتسكن في احد الفنادق في محلة الذهب في غرفة صغيرة قذرة وكنت اخرج معها للتسول ولكن بعد فترة لا اعلم أين ذهبت وبقيت وحدي في الشارع الذي أصبح بيتي، وكنت أتعرض إلى التحرش من بعض الشباب الصغار نتيجة النوم على الارصفة! فهناك من كان يتلمس جسدي بأصابعه وهناك من كان يطلب مني بعض الأشياء كنت أنفذها مرغمة خوفاً منهم، وبعد أن بدأ جسمي بالنضوج بدأت أجد نفسي في زاوية إحدى الغرف الرخيصة مقابل مبلغ زهيد يساعدني على تجاوز جوع معدتي، وألان أصبح لي شان في المحلة ولدي زبائن يأتون بين الفينة والأخرى، وتعمل معي ثلاث فتيات وهن صغيرات اثنتان من بغداد وواحدة من إحدى المحافظات، جلبها لي احد الأصدقاء بعد أن عرضت عليها العمل مقابل المبيت والطعام.
حيوية ونشاط
بعد أن تركنا عبير تتابع عملها بكل حيوية ونشاط،وبمجرد ترك هذه الزقاق الضيق الذي بالكاد يكفي لمرور شخص واحد يمكن أن يترنح يميناً ويساراً من شدة الحر، وجدنا رجلاً يجلس إمام منزل وبقربه امرأة تجاوز عمرها العقد الرابع وتتكلم بصوت عال وتدخن سيكارة، منظرها يعطيك انطباعاً للوهلة الاولى بانها سليطة اللسان لكثر الالفاظ غير اللائقة التي تلفظها مع الرجل!!،المرشد الذي معي اخبرني أنها سمسارة فتيات فقط ولا تمارس الجنس وهذا ما لا افهمه فواضح انها تنتظر الطلبات من الرجال وهي تأخذ النساء إلى العنوان الذي يرسل لها عن طريق الهاتف النقال، ولهذا من يريد فتاة عليه إرسال كارت فئة 5000 آلاف دينار ثم الاتصال لتطمئن على عمولتها الأولى، المرأة كانت ترمقنا بنظراتها فنادت على الشخص الذي معي وسألته. هل تبحثون عن شي هنا في الزقاق؟، انطلقت الإجابة مني بسرعة البرق نعم ابحث عن نساء يرغبن بالسفر والزواج إلى خارج البلد وأفضل أن يكن متوسطات في العمر، فردت بامتعاض((شنو توكفون شغلنا)) حاولت ان أطمئنها وتكلمت معها بطريقة لا تثير الشك، المرأة والتي تدعى ((شخاطة)) عندما سألتها ما معنى هذا الاسم أجابت أنها مثل النار كل ما يرغب الرجل به يجده عندها فهي (حارقة خارقة) كما تصف نفسها ومع الأسف صوتها العالي جمع الناس من حولنا فطلبت منها الدخول إلى البيت، بعد ذلك سمحت لنا بذلك، لكن البيت كان لا يبعث على الطمأنينة،المقاعد المتفرقة كانت ممتلئة بملابس داخلية نسائية وبدلات رقص تكاد من شكلها لا تغطي غير منطقة الخصر، أشعلت سيكارة نوع افيرا وقدمت لنا رفضت التدخين بحجة عدم تغيير النوع، فقالت تعمل عندي خمس فتيات تتراوح اعمارهن بين 16 و 25، ومن كل طراز ولون، والان هن نائمات في الغرفة لان الليل يختلس النوم منهن،لكنهن ثروة لان كل واحدة تخرج للمبيت يكون سعرها 200 دولار مع الأكل، ويبيت معها رجل لحمايتها ويتقاضى مبلغ 25000 دينار إما هي فيتم الاتفاق عن طريقها ولا تخرج فتاة إلا بإمرتها، ومن تحاول أن تشاغب أو تهرب لا تستطع فعل ذلك لان جميع المستمسكات المدنية محفوظة عندها.
حدث ولا حرج
فجأة أصبت بهبوط في الحماسة او صعود الكآبة بسبب قصص هؤلاء النسوة وهن يجدن ملذاتهن في ممارسة البغاء بصورة لا تخدش حياءهن،لكن البعض منهن كن ضحية القدر تقول منتهى البالغة من العمر سبعة عشر عاما والتي تمارس البغاء مقابل 10000 دينار وتسكن في غرفة لا تتعدى حدودها 2× 3 أمتار في محلة الذهب، وتساعدها في ذلك شقيقتها الصغيرة التي تقف عند باب المنزل وتدلل عليها حتى يأتي الشباب إلى غرفتها فالبيت الذي يسكنون فيه يضم عدة نسوة يمارسن الدعارة وكل امرأة لديها فتاة تساعد الرجال على الاستدلال إلى المرأة المقصودة، لكن للعلم أن الفتاة الصغيرة تأخذ المال والعمولة وتخبر الرجل عن الوقت المقرر له واذا رفض او حاول أن يثير المشاكل هناك من يعطيه درساَ لن ينساه، تقول منتهى: لقد ورثت هذه المهنة عن والدتي التي توفيت وتركت أختي ولم يتجاوز عمرها 10 سنوات. وهي تريد أن تمارس البغاء لكني أجدها صغيرة الان على ذلك.
تركت هذه المحلة التي اشتهرت منذ القدم بممارسة البغاء وانا ابحث عن إجابة لمصير فتيات صغيرات تركن العالم الخارجي ويعشن في كنف الليل خوفاً من الأهل والأقارب والمجتمع فمنهن من هربت من عائلتها ومنهن من كان القدر المجهول هو الذي حتم عليها ممارسة البغاء للعيش ومنهن من سلكت هذا الطريق لأنه سهل وتجده ممتعاً لجسدها وفي النهاية فالقانون يطبق بحقهن اذا وقعن بيد العدالة متلبسات 15 عاما بالسجن.
|