لحج نيوز/بقلم:ممتاز القط -
الزبالة هي أحد مظاهر التقدم وارتفاع مستويات المعيشة.. زمان أيام الفقر كان الناس يلجأون الي إعادة إستخدام كل شئ مستعمل . زجاجات الأدوية والبرطمانات كانت عادة ما تستخدم داخل المطبخ كبديل لأواني حفظ السكر أو التوابل وغيرها. كنت نادرا ما تري في الزبالة زجاجة أو علبة صفيح.. فقد تفنن المصريون في إعادة إستخدامها حتي أن علب السردين كانت تستخدم بديلا لبرادات الشاي.. وصدقوني أجمل شاي شربته في حياتي كان في علبة صفيح قدمه لنا أحد أقاربي عندما زرته في حقله..
زجاجات المشروبات الغازية الفارغة كان يتم إعادة تسليمها للبائعين الذين كانوا يأخذون رهنا ماليا لها لحين إعادتها.
الملابس القديمة كان الناس يستخدمونها في صنع السجاد اليدوي حيث كانوا يقومون بتقطيعها ووصلها مع بعض القصاصات من عند الترزية ويتم تسليمها لأنوال يدوية تقوم بصناعة أنواع من السجاد لاتزال بقاياها في بعض بيوت الفلاحين. كنت نادرا ما تري بيتا يضع جهازا للتكييف أو مروحة او ثلاجة قديمة في القمامة لأنه ليس في حاجة لها وهو ما نشاهده الآن خاصة في الأحياء الراقية.
الناس تغيرت ومستوي المعيشة ارتفع ارتفاعا كبيرا والزبالة تحتاج اليوم الي علماء نفس واجتماع لدراستها ومعرفة التغير الكبير الذي حدث في عاداتنا وتقاليدنا وكيف تحولنا الي شعب مستهلك وبنهم شديد.
انظر للزبالة اليوم ستجدها تضم أنواعاً متعددة من المأكولات والمشروبات وبقايا الأدوية وأكياس الشيبسي والشيكولاتة وكلها سلع تدل علي رفاهية الناس وارتفاع مستويات دخولهم وبالتالي انفاقهم..
صدقوني نوعية الزبالة في مصر تحتاج الي دراسة علمية لأنها تحمل دلالات كبيرة علي سلوكيات وعادات الناس وكيف تغيرت وكيف يمكن تعظيم ايجابياتها والقضاء علي سلبياتها.
أذكر أنني قمت بزيارة للدنمارك وتجولت في مصانع معالجة القمامة هناك. حيث تقوم المصانع بتوزيع شنط بلاستيك ذات ألوان مختلفة علي المنازل والمحلات التجارية كل يوم.. مثلا الشنطة ذات اللون البرتقالي توضع فيها المخلفات الخطرة مثل البطاريات والشواحن وأي مخلفات كربونية كأقلام الرصاص والشنط الحمراء توضع داخلها بقايا الغذاء فقط والشنط الخضراء توضع فيها الأشياء الزجاجية والأطباق المكسرة وشنطة بني لأي مخلفات معدنية وعملية التقسيم تفيد هذه المصانع فبعد تجميع القمامة من المنازل تقوم سيارات التجميع بتوزيعها داخل المصنع. الشنط الحمراء لمكان معين والخضراء لمكان آخر وهو ما يؤدي لسهولة عملية الفرز وليس بطريقة »كله علي بعضه« التي يلجأ إليها الزبالون في مصر والتي تعيق عملية فرزها.
مرة أخري زبالتنا تعكس لحد كبير الارتفاع المضطرد في مستويات معيشتنا والذي يتزايد يوماً بعد يوم وما يعنيه من زيادة مضطردة في حجم ونوعية الزبالة والتي غرقنا في شبر ميه لمجرد تجميعها والتخلص منها. |