لحج نيوز/بقلم:حليمة مظفر -
على الرغم من أن المنافقين ورد ذكرهم في مواضع عديدة من سور القرآن الكريم للتحذير منهم؛ إلا أن الخطاب القرآني أفرد سورة باسمهم هي (المنافقون) كإشارة مؤكدة إلى ظهورهم كـ"حركيين" خلال حياة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لهم نشاطهم الخفي الذي يسعى إلى فرقة المسلمين بالفتنة لمصالح شخصية دنيوية؛ وكان خطرهم أشر وأضر؛ كونهم يدّعون صُحبة النبي عليه السلام؛ فيعلنون الإيمان به ويظهرون التدين، ويبطنون الحقد والعداوة؛ بعد أن طغت مصالحهم على مصالح الإسلام، والسؤال الآن: إن كان الرسول الكريم ابتلي بهؤلاء في حياته؛ فما بالنا بهم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام على مرّ التاريخ الطويل؟!
نتأمل ذلك؛ حين نقرأ الوقائع التاريخية التي حدثت بعد وفاته عليه الصلاة والسلام؛ وأقصد هنا في عهد كل من الخلفاء الراشدين الخمسة؛ الصديق والفاروق وابن عفان والإمام علي وابنه الحسن ـ رضوان الله عليهم جميعا ـ بشرط أن تكون قراءة باحث من خارج التاريخ لا من داخله؛ يتحرّى كافة المصادر والمراجع دون تحزب أو تعصب؛ وبقراءة لا تتعامل مع شخوص هذه العصور لما لهم من فضل السيرة على أنهم منزهون عن الخطأ؛ وإنما التعامل معهم حين نقرؤهم يُبنى على أنهم ممن تحكمهم طبيعة البشر؛ يجتهدون فيخطئون ويصيبون؛ حينها فقط سنعرف مدى ما ابتلي به الصحابة الكرام من ضرر الحركيين المنافقين في إثارة الفتنة ونشوب الخلافات فيما بينهم؛ وصولا إلى فتنة محاصرة عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ في بيته وهو يجاوز الثمانين؛ حتى مُنع عنه الماء لأكثر من شهر إلى أن انتهى الحصار بجريمة مقتله البشعة كما ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" على يد ثائرين مسلمين تمّ تهييجهم من قبل الحركيين المنافقين؛ لأهداف سياسية وأطماع مادية؛ فكان ذلك الشعرة التي قصمت ظهر البعير، مما أدى إلى انشقاق أهل الدين الواحد لمشارب عدة؛ فرقهم لليوم تعصبهم لشخوص ماتوا وبات أمرهم بين يد الله تعالى.
وبصراحة؛ لا أبرئ أيا من المذهبين في وجود أمثال هؤلاء الحركيّين المنافقين المتعصبين؛ الذين ابتلي بهم الإسلام ممن يظهرون الغيرة على الدين ويملؤهم التطرف، ويكفرون بعضهم بعضا؛ لأهداف سياسية لا دينية؛ هؤلاء هم سبب اشتعال الفرقة والكراهية لليوم؛ يغذون نارها جيلا بعد جيل بيننا؛ والتي يُفترض أنها خمدت مع موت أصحابها منذ 1400 سنة، وأتساءل ما لنا نحن أبناء السنة والشيعة اليوم، ومال ذلك الخلاف الذي لم نحضره ولم نشاهده؟! لماذا نتعصب ضد بعضنا في ذنب لم يرتكبه بعضنا؟! فما هي إلا أخبار قوم قد خلوا قبلنا، ولهذا علينا أن ندرك أن ما قاله متطرف شيعي من قول خبيث في عرض سيدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام وأمنا عائشة، إنما لا يمثل الشيعة ممن ينتمون لوطننا وسجلوا موقفهم ضد ما قاله ذلك المنافق وأنكروه عليه؛ وفي الوقت نفسه أن ندرك أن ما أبداه متطرفون من السنة في رفض موقف إخوتهم الشيعة، وشككوا في نواياهم وطالبوهم بما فوق طاقتهم؛ لا يمثل السنيين أيضا؛ فهؤلاء المتطرفون إنما يريدون الفتنة مشتعلة؛ يقضون بها مصالحهم الشخصية على حساب دين عظيم، كفل الله فيه للإنسان كرامته وأمانه وسلامه؛ فاقرؤوا سورة "المنافقين" واحذروهم.