لحج نيوز/خاص - رأى محللون اقتصاديون أن القطاع المالي في بورصة دبي تأثر من تخلف مجموعتين سعوديتين وشركات استثمار في الكويت عن الدفع ، ما نتج عنه أثرا بالغاعلى بنوك الإمارات العربية المتحدة ولكنه سيمتد أيضا الى مؤسسات مالية أخرى في الخليج. وقال ان مستوى انكشاف بنوك الخليج سيكون "بمليارات الدولارات"، مشيرا الى انه سيتعين عليها تخصيص موارد لمواجهة ذلك. وفاجأت دبي العالم الأربعاء بطلب تأجيل سداد ديون ابرز شركاتها "دبي العالمية" ستة اشهر. وتقدر ديون هذه الشركة ب 59 مليار دولار من 80 مليار دولار هي مجمل ديون إمارة دبي. وتبلغ ديون شركة نخيل، الفرع العقاري لشركة دبي العالمية التي يحين اجل سدادها في 14 ديسمبر المقبل، 3,5 مليارات دولار. واضطرت بنوك خليجية للاقتراض وتخصيص موارد بسبب عدم قدرة شركات استثمار كويتية على سداد ديونها البالغة قيمتها حوالي عشرة مليارات دولار. كما تعرضت هذه البنوك الى عجز مجموعتي سعد والقصيبي الاستثماريتين السعوديتين عن دفع 22 مليار دولار. وبعد إعلان دبي طلب تأجيل سداد ديون، قرر بنك الخليج الدولي ومقره البحرين، تأجيل إصدار سندات بقيمة أربعة مليارات دولار. وقال الخبير الاقتصادي السعودي عبد الوهاب ابو داهش إن بنوك بلاده لن تتأثر مباشرة بقرار دبي غير أن بعضها اشترى سندات من حكومة دبي. وقال "اعتقد أن أرباح الكثير من البنوك في المنطقة ستتأثر. بعضها سينهي عام 2009
يأتي ذلك بعد ان وجهت دولة الإمارات العربية المتحدة ضربة قاصمة الى مجلس التعاون الخليجي بإعلانها الانسحاب رسمياً من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، احتجاجاً على إصرار المملكة العربية السعودية على أن تكون عاصمتها الرياض، وليس أبو ظبي، مقراً للبنك المركزي الخليجي.
وهذه هي المرة الأولى التي تتحدى فيها دولة الإمارات العربية المتحدة المملكة العربية السعودية التي تعتبر 'الشقيقة الكبرى' وتحظى باحترام خاص من قبل الدول الخليجية الأصغر. فقد جرت العادة ان تتفادى الإمارات إظهار اي خلاف مع السعودية الى العلن، وتحصره في القنوات الدبلوماسية الثنائية أو الاجتماعات المغلقة.
انسحاب الإمارات من اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي يعني عملياً انهيار هذه الاتفاقية، والعملة الخليجية الموحدة التي من المفترض ان تكون تتويجاً لها، خاصة ان سلطنة عمان كانت سباقة في معارضة هذه الاتفاقية، وعدم الالتزام بها بالتالي لتحفظات عديدة على بعض بنودها، وهكذا فإن اربع دول من اعضاء مجلس التعاون الخليجي الست ستواصل التزامها بالاتفاقية، وهي الكويت والبحرين وقطر علاوة على المملكة العربية السعودية.
خطورة الخطوة الإماراتية تتمثل في تأثيرها على الوحدة السياسية الخليجية، بالإضافة إلى الوحدة الاقتصادية التي تعتبر أكثر سهولة، بسبب التقارب الكبير بين الأنظمة الاقتصادية المتبعة في دول الخليج، فإذا أصبح الاتفاق متعذراً على الوحدة النقدية والعملة الموحدة بعد سبعة وعشرين عاماً من قيام مجلس التعاون الخليجي، فكيف يمكن الحديث عن وحدة سياسية وإزالة الحواجز الحدودية بين الدول الاعضاء على غرار الاتحاد الاوروبي؟.
وربما يفيد التذكير بأن موقف دولة الكويت من الاتفاقية النقدية الخليجية يبدو غامضاً، فالحكومة الكويتية خرجت عن الإجماع الخليجي، عندما أنهت ربط عملتها بالدولار الأمريكي قبل عام تقريباً، اما دولة البحرين فقد أثارت خلافاً كبيراً مع جارتها السعودية عندما انضمت الى منظمة التجارة العالمية ووقعت اتفاقات بشأن التعرفة الجمركية، اعتبرتها الرياض خروجاً على الاتفاقية الاقتصادية الخليجية.
وما زال من غير المعروف كم سيستمر شهر العسل السعودي القطري الحالي، فالعلاقات القطرية السعودية تحسنت في الفترة الأخيرة، وكانت دولة قطر من المؤيدين لاستضافة الرياض مقر البنك المركزي الخليجي، اثناء الاجتماع ألتشاوري الأخير لقادة مجلس التعاون قبل اسبوعين، ولكن لا احد يستطيع ان يتنبأ بالمدى الزمني لهذا التحسن بالقياس الى الخلافات الكبيرة التي عكرت العلاقات القطرية السعودية طوال السنوات العشر الماضية، وبالتحديد منذ 'حرب الخفوس' الشهيرة حول العلامات الحدودية بين البلدين.
الامارات احتجت على استئثار السعودية بمؤسسات مجلس التعاون الخليجي، وفرض هيمنتها على الدول الأعضاء، وبالتالي حرمانها من ان تكون مقراً للبنك المركزي الخليجي، وحجتها ان دول الاتحاد الاوروبي التي تعتبرها الدول الخليجية نموذجاً يحتذى على صعيد الوحدة الاقليمية، وما يتفرع عنها من مؤسسات اقتصادية، خاصة العملة الموحدة (اليورو)، هذه الدول جعلت مقر الاتحاد بروكسل، وليس باريس او برلين او لندن او روما، ووزعت معظم مؤسسات الاتحاد على الدول الصغيرة مثل لوكسمبورغ وهولندا وبلجيكا. والاستثناء الوحيد جاء عندما جعلت فرانكفورت مقراً للبنك المركزي الأوروبي. ولذلك كان الاحرى بالسعودية التجاوب مع طلب الامارات بجعل ابوظبي مقراً للبنك المركزي الخليجي، خاصة انها تقدمت بطلب في هذا الخصوص قبل خمس سنوات (2004).
يبدو ان كيل دولة الأمارات قد طفح، وقررت ان ترفع صوتها صارخة من شدة الالم الناجم عن المواقف السعودية، خاصة ان هناك مشكلة مزمنة بين البلدين تمتد جذورها لأكثر من ثلاثين عاماً تتمثل في مطالبة الإمارات بنصيب اكبر في حقل الشيبة النفطي الواقع على الحدود بين البلدين، وينتج حوالي نصف مليون برميل من النفط يومياً، بالإضافة الى مطالبها بالشريط الساحلي المقابل له (منطقة العيديد) الذي تعتبره الامارات تابعاً لها، وبلغ الخلاف حول هذا الشريط ذروته، عندما عارضت الحكومة السعودية بناء جسر بحري يربط الامارات بدولة قطر ويمر فوق المياه الإقليمية لهذا الشريط.
خروج الخلاف السعودي الإماراتي الى العلن، وبالصورة التي نشاهدها حالياً في الأوساط الإعلامية الإماراتية يشكل سابقة في طرق التعامل بين دول مجلس التعاون بشكل عام والجانبين الإماراتي والسعودي بشكل خاص، الأمر الذي قد يعني بأن امكانية تطويق هذا الخلاف شبه معدومة، ان لم تكن مستحيلة. فالسعودية ليست بصدد التنازل للإمارات عن استضافة مقر البنك المركزي الخليجي، ولا يوجد اي مؤشر بأن الإمارات ستتخلى عن طلبها بأن تكون أبو ظبي مقره، وهذا ما يفسر غياب اي وساطة خليجية
|